تجاذبت مع صديقي أطراف الحوار حول الشأن العربي بدءاً بقضية فلسطين وما إذا كان حل الدولتين ما يزال له رمق، ومروراً بالجهود الفلسطينية الدبلوماسية التي لا يبدو أنها تسير على هدى واضح في ما يتعلق بالمصالحة الوطنية من ناحية وبنوع العضوية المرتقبة في الأممالمتحدة من ناحية أخرى، ثم توجهنا نحو ما يسمونه الربيع العربي وأسميه الاضطراب العربي وآثاره وتداعياته على المنطقة، وتوقفنا طويلاً عند اليمن، فمحدثي أستاذ سعودي خبير متخصص في الشأن اليمني، ولا يمنعني عن التعريف به إلا أنني لم أستأذنه في ذلك. بدأت بقولي إنني قد التقيت بعدد من الشخصيات ممن يسمونهم بقادة الميدان في الساحات اليمنية، وأكدت لهم ما أعرفه عن أهداف المملكة العربية السعودية وتوقعاتها بشأن علاقاتها مع اليمن أياً كانت القوى الحاكمة أو الشخصيات الفاعلة فيه، ولخصتها في أن المملكة يهمها أن يكون في اليمن نظام حكم قوي قادر على بسط سيادة الدولة في كل أرجاء اليمن بما يضمن ألا يكون اليمن معقلاً للإرهاب أو مركزاً للتآمر على المملكة أو ممراً لتهريب السلاح أو المخدرات أو المهاجرين غير الشرعيين أو الارهابيين، كما أن المملكة يهمها أن يكون اليمن مزدهراً اقتصادياً قادراً على تأمين فرص العمل لأبنائه داخل أراضيه، وأن يتحقق التكامل الاقتصادي بين البلدين بحيث يصبح اليمن سوقاً جذاباً للمنتجات الصناعية السعودية وبيئة خصبة لاحتضان الاستثمارات السعودية وحلقة وصل تربط المملكة بالشرق الإفريقي، في حين تشكل المملكة سوقاً مفتوحاً للمنتجات الزراعية والسلع الاستهلاكية اليمنية بالإضافة إلى استضافتها للعمالة اليمنية القادرة على الإسهام في الحركة الاقتصادية في المملكة.. باختصار إن المملكة تريد أن يكون اليمن شريكاً قوياً منيعاً أياً كان نظام الحكم الذي يرتضيه أبناء اليمن لأنفسهم. قال صديقي إنه يتمنى لو أن اليمنيين يستمعون إلى هذا الوصف للعلاقة المطلوبة بين البلدين مراراً وتكراراً حتى لا ينساقوا وراء من يظل يردد أن السياسة السعودية في اليمن تستهدف إضعاف اليمن أو تتعمد ألا تكون في اليمن سلطة مركزية قوية أو أنها تستعذب استمالة عدد محدود من شيوخ القبائل والمرور من بوابتهم الضيقة نحو اليمن العريض الواسع ذي التيارات المتعددة والتوجهات المختلفة.. وتحدث صديقي بإسهاب عن تاريخ العلاقات اليمنية السعودية وما تعرضت له من انجازات وتراجعات في الخمسة عقود الماضية، وقال إن اليمن وهو مقبل على مرحلة جديدة من مراحل بنائه السياسي الوطني يحتاج إلى الخيمة السعودية الراعية أكثر من أي وقت مضى، وأن هذه الخيمة لابد لها من أن تكون عريضة بما يكفي لاستيعاب الجميع مهما عظمت أخطاء بعضهم في الماضي أو بلغت درجة اختلافهم الفكري أو المذهبي، شريطة الالتزام بالأهداف العامة التي تسعى المملكة إلى تحقيقها، وعلى وجه التحديد فإنه ينبغي للمملكة أن تعمق قنوات الحوار والتواصل بينها وبين عدد من القوى اليمنية الموجودة على الساحة . فاكس : 02/6901502 [email protected]