تتجه أنظار العالم اليوم نحو العاصمة الإيرانيةطهران لمراقبة ما ستسفر عنه قمة عدم الانحياز التي تعقد على أراضيها بمشاركة ممثلين عن 120 دولة في قمة هي الأكثر إثارة للجدل منذ ولادة الحركة عام 1961 بسبب القضايا الخلافية المدرجة على جدول أعمالها وفي مقدمتها الأزمة السورية والملف النووي الإيراني ومحاولة فك العزلة الدولية المفروضة على إيران وحليفها النظام السوري. وإذا كان من المفهوم ضمنًا أن حركة عدم الانحياز التي أنشأت بهدف أساسي هو إيجاد نوع من التوازن في العلاقات الدولية خلال مرحلة الحرب الباردة، فإن هذه الحركة التي أخذت تفقد زخمها وتضعف تدريجيًا منذ انتهاء تلك الحرب بتفكك الاتحاد السوفيتي وانهيار غالبية الأنظمة الشيوعية في دول المعسكر الشرقي، أخذت تنحو منحى برجماتي يعكس تبني بعض دولها لمواقف تخدم مصالحها أومصالح دول حليفة لها بما يتناقض مع الأهداف الحقيقية التي أقيمت تلك المجموعة على أساسها، وهو ما يتضح في القمة الحالية التي تحاول إيران من خلالها تكريس موقف موحد للمجموعة يدعم النظام السوري ويقدم له طوق النجاة، إلى جانب ما تهدف إليه من استغلال القمة كشكل من أشكال العلاقات العامة لكسب تعاطف تلك الدول ووقوفها إلى جانب إيران ضد المجتمع الدولي فيما يتعلق بملفها النووي والعمل على إحداث اختراق في العقوبات الدولية المفروضة عليها. المعنى السافر للانحياز الذي تجسده هذه القمة يتضح في تبني إيران للموقف الروسي -الصيني الداعم لنظام الأسد في مواجهة موقف شبه دولي داعم للشعب السوري ومساند لحقوقه المشروعة في الحياة الحرة الكريمة والتحرر من الاستبداد، وبما يعيد إلى الأذهان ذكريات ومشاهد الحرب الباردة وهو ما يتضح بشكل خاص في التحالف الروسي - الصيني الجديد الذي يقف إلى جانب هذا النظام في مواجهة غالبية دول العالم التي تدعم الشعب السوري وتساند حقوقه المشروعة في الحياة الحرة الكريمة والتحرر من الاستبداد. وبالرغم من هذه الألغام التي تهدد بفشل القمة، إلا أن الآمال لا تزال معقودة على أن تخرج بقرارات تنحاز فيها للشعوب وليس للأنظمة والأفراد وأن لا تستغل من أجل تسويق مبادرات أو مواقف تتناقض مع مبادئ الحركة وشعاراتها والأسس التي قامت عليها.