* يوم السبت القادم ترسل الأسر السعودية أكثر من 5 ملايين طالب وطالبة إلى 33 ألف مدرسة، في بداية عام دراسي جديد لا يبدو أنه سيختلف عن سابقيه في شيء !.. الذهاب للمدرسة بات تقليدًا اجتماعيًا روتينيًا.. لكن.. هل سألت نفسك يومًا: لماذا ترسل أبناءك للمدرسة ؟!.. السؤال مربك رغم بساطته !.. لكنك في الغالب ستلجأ للإجابة التقليدية «لكي يتعلموا»!!.. رغم أنك تعلم كما نعلم جميعًا أن المدارس في عالمنا العربي لا تُعلّم شيئًا ذا بال.. لأنها تقوم على تكريس صناعة التلقين والحفظ.. ولأن التفوق فيها يُقاس بقوة الذاكرة والقدرة على اجتياز الامتحان أو التقويم!. * نظرة واحدة إلى مستوى طلاب السنة التحضيرية بالجامعات (مجموعات التقوية الجامعية) تؤكد صحة ما نقول.. كما أن فشل الكثير منهم في التعامل الصحيح مع محيطهم، ومع القضايا الحياتية والثقافية يؤكد ذلك أيضًا.. كل هذا يدفعك للتساؤل من جديد: هل الهدف من الذهاب للمدرسة هو حفظ معلومات بسيطة يمكن الوصول إليها عبر شبكة الإنترنت أو أي مكتبة عامة.. أم أن الهدف هو اكتساب مهارات علمية وحياتية تساعد على تكوين شخصية ناجحة، ذات قيم ومبادئ وطنية وإنسانية فاعلة، بعيدة عن الانغلاق والكراهية، تتقبل الآخر وتتفهمه وتتفاعل معه بشكل صحيح؟! * يقول (سدني هارس) إن الغرض الأساسي من التعليم هو أن نحوّل المرايا إلى شبابيك.. ويعني إيجاد مواطن غير منغلق على نفسه، لا ينظر إلى ذاته فقط، بل ينظر إلى العالم كله بكل تجاربه وفرصه.. أما (ماندل كرايتون) فيقول: «إن الهدف من التعليم هو إيجاد إنسان في حالة مستمرة من التساؤل!».. فهل حقق تعليمنا العربي شيئًا من هذا ؟!.. لا أظن.. فعندما يصبح اجتياز الامتحان هو الغاية الأساسية.. وعندما يُقاس التفوق بكمية ما يحفظه الطالب من معلومات، وليس بما يفهمه ويتحقق منه ويطبقه ويتفاعل معه، فلابد أن تفشل المدرسة.. وأن ينشأ بدلًا عنها سوق موازية تزدهر فيها الدروس الخصوصية وتجارة المذكرات والشهادات المزيفة. * أكثر ما يُدهشك في نقاشات المسؤولين عن تطوير التعليم، هو انشغالهم بالهوامش عن المتون.. كأن تجد مناقشات صاخبة حول كيفية دمج مادتي التاريخ والجغرافيا في منهج واحد!!.. أو التساؤل عن جدوى دخول درجات التربية البدنية في المعدل العام؟!.. بينما تغيب في خضم هذه النقاشات أسئلة جوهرية كان من الواجب أن ينشغلوا بها مثل: من هو المواطن؟! ماهي حقوقه وواجباته.. من نحن؟!.. وأين نقف؟!.. وهل نعيش بمفردنا على ظهر الأرض؟! من هم شركاؤنا في الحياة؟! كيف نتعامل معهم؟! ماهي الحرية؟! وما حدودها؟!.. وكيف نوجد طالبًا واثقًا من نفسه وقدراته، يمتلك روح المبادرة والتفاؤل والعطاء، ويفكر بمنهجية علمية صحيحة؟!. * إن غياب هذه الأسئلة الحقيقية بين المثقفين والتربويين هو السبب الرئيسي في فشل التعليم العربي في إنتاج المواطن الناضج تعليميا واجتماعيا ونفسيا.. وغياب هذه الأسئلة الجوهرية سببه أننا نسينا أن نسأل أنفسنا ذلك السؤال البديهي البسيط: لماذا يذهب أبناؤنا إلى المدارس؟! [email protected]