بالطبع فإن مهمة المبعوث الدولي العربي الجديد لسوريا الأخضر الإبراهيمي صعبة، لكنها ليست مستحيلة كما وصفها وزير الخارجية الفرنسي، والرجل نفسه استشعر مدى تلك الصعوبة منذ الوهلة الأولى، واتضح ذلك عندما أبدى ترددًا لبضع أيام إزاء القبول بالمهمة، واتضح ذلك بشكل أكبر عندما صدر أول تصريح له حول الأزمة سبب له عاصفة من الانتقاد من قبل النظام السوري والمعارضة في آنٍ واحدٍ، وعندما أبلغ السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون لدى لقائه به أمس الأول بأنه يشعر "برهبة" وهو يتأهب لقيادة الجهود الدولية للتوسط من أجل حل سلمي للصراع المتفاقم في سوريا الذي مضى عليه 17 شهرًا اصطبغت بمشهد دماء آلاف القتلى وعشرات الآلاف من الجرحى والمعتقلين والمهجرين، لاسيما وهو يبدأ تلك المهمة في الوقت الذي يغادر فيه رئيس بعثة المراقبين الدوليين في سوريا دمشق مع انتهاء عمل البعثة. لاشك أن الإبراهيمي يدرك جيدًا أنه لابد من تبني نهج جديد لمعالجة الأزمة يستفيد من الأخطاء أوالأسباب التي أدت إلى فشل مهمة المبعوث السابق كوفي عنان الذي استنفذ 6 أشهر من المساعي لإنجاح خطته للسلام ذات النقاط الست دون أن يحقق أي اختراق حقيقي في الأزمة نتيجة مراوغة النظام السوري وأساليب الاحتيال التي يمارسها ويحاول من خلالها تبرير جرائمه البشعة في حق شعبه. بيد أن الإبراهيمي الذي سبق وأن نجح في مهمات ووساطات أممية عدة اكتسب على إثرها سمعة طيبة في أوساط المجتمع الدولي يدرك جيدًا أن مفتاح حل الأزمة سلميًا يتوقف على الدور الروسي-الصيني انطلاقًا من الحقيقة المؤسفة التي فرضت نفسها وسببت صدمة للعالم الحر بأسره من خلال استخدام موسكو وبكين لحق النقض ثلاث مرات ضد الإرادة الدولية. مؤشرات نجاح الإبراهيمي في مهمته يمكن قياسها من خلال النجاح في وضع نهاية لحمامات الدم ووقف معاناة الشعب السوري وإحداث اختراق في الموقف الروسي-الصيني، ووضع مصلحة الشعب السوري فوق أي اعتبار وقبل أي شيء آخر وهو ما أكده عشية تسلمه لتلك المهمة الصعبة التي تحتاج إلى قدر كافٍ من دعم الأممالمتحدة التي يقع على عاتقها المسؤولية الكبرى في إنهاء مأساة الشعب السوري.