سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أثيوبيا ما بعد زيناوي لعل في غيابه أن تحل الملفات العالقة ، و يمكن للمبادرات العربية السريعة لمد جسور الثقة مع الإثيوبيين للتوصل لواقع جديد يتناسب مع متغيرات المنطقة الإيجابية
تربطنا نحن المسلمين بالحبشة التاريخية علاقة إيجابية جداً حيث كانت الحبشة ( أثيوبيا حديثاً ) المهاجر الأول للمسلمين المضطهدين في دينهم بشهادة و تزكية خاصة من رسول الله صلى الله عليه و سلم لحاكم ( نجاشي ) الحبشة إذ ذاك ( إن فيها ملكا لا يظلم عنده أحد ) ، و بالفعل فقد حاولت قريش استرجاع المهاجرين للحبشة بالسعي لدى النجاشي بمنطق يشبه منطق الإسلاموفوبيا الذي تروج له القوى الغربية المعاصرة المعادية للإسلام ، لكن النجاشي الملك الأريب و بعد ان استمع لآراء المسلمين و حجتهم الناصعة من سيدنا جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه دون تشويش من أحد رفض أن يتخلى عن ضيوفه أو أن يسلمهم لرسل قريش ، و القصة التاريخية كما ترويها كتب السيرة مشهورة جداً ، حيث قامت حركة إنقلابية على النجاشي من قبل حاشيته و بطانته بسبب إسلامه انتصر فيها النجاشي و حمى المسلمين الذين عاشوا في حمايته 15 عاماً معززين مكرمين. و قد صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم على النجاشي صلاة الغائب لما مات. منذ ذاك التاريخ و بالحبشة مسلمون ( 50% من السكان حالياً ) يتعايشون جنباً إلى جنب مع أصحاب الديانة السابقة (المسيحية)، إلا أن من الفئة الأخيرة شريحة لم تزل ناقمة منذ ذاك التاريخ على الإسلام و المسلمين من ألدهم عداوة ضد المسلمين رجل القرن الأفريقي الأقوى رئيس الوزراء الأثيوبي الراحل ميليس زيناوي الذي وافاه الأجل الثلاثاء الماضي في بروكسل أثر تعرضه لبكتريا قاتلة لم تمهله أكثر من 48 ساعة. يصنف البعض زيناوي الذي كان يلقب بآخر أباطرة الحبشة و الذي و ضع يديه في يد كل أعداء الإسلام والمسلمين و ارتكب أشنع الجرائم . نجح زيناوي وأفورقي في 1991 م في الاستيلاء على الحكم في كل من إثيوبيا و أريتريا ، ليصبح وضع المسلمين في القرن الأفريقي متأزمًا ، خاصة و أن الأوضاع الصومالية قد تأزمت بشدة بعد الإطاحة بالرئيس زياد بري ، ثم تولى زيناوي رئاسة الوزراء في 1995 م فأحكم قبضته على إثيوبيا ، واستمر على رأس النظام السياسي أكثر من 20 سنةً وقف فيها ضد المسلمين ، وربط نفسه وبلاده بالحلف العالمي لمحاربة الإسلام والمسلمين ( الإرهاب ) ، ففتح بلاده للصهاينة فتولوا ملف الزراعة و حققوا فيه طفرة كبيرة مقابل تطوير عمليات نقل الفلاشا إلى إسرائيل ، ووسع الموساد عملياته الاستخباراتية في الغرب الأفريقي ، و أصبحت المنافذ البحرية في القرن الأفريقي تحت السيطرة الصهيونية ، و جعل إثيوبيا بمثابة وكر للتآمر ضد الدول المسلمة المجاورة " الصومال والسودان ومصر. و هاجمت القوات الإثيوبية الأراضي الصومالية عدة مرات لإقامة حكومة موالية لإثيوبيا والغرب ، وتسبب ذلك في وقوع خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات و انهارت البنية التحتية للصومال ودخلت في مجاعات ونكبات متتالية بسبب هذا العدوان، كما ساهم دعم زيناوي في انفصال الجنوب السوداني عن الشمال ، وضخ المليارات في جوبا لدعم الانفصال وتكوين حلف مع الجنوب يطوق به الصومال ويحاصر به الشمال المسلم في السودان ، و ساهم في إفشال المساعي العربية لإقامة كونفيدرالية بين شطري السودان . تمثلت عداوته للشقيقة مصر في إقناعه لدول نهر النيل بتوقيع اتفاقيات جديدة لتوزيع حصص مياه النيل مما أفقد مصر والسودان نسبة كبيرة من حصصهما التاريخية ، و أنشأ بالتعاون مع إسرائيل سدوداً عديدة على نهر النيل حجمت كثيرًا من تدفق مياه نهر النيل لدول المصب ، كما دأب على إطلاق التصريحات النارية ضد القيادة المصرية واتهامها بالتحضير لحرب إثيوبيا. عداوة زيناوي للإسلام و المسلمين رافقته حتى قبره فقد أصدر و هو على فراش الموت قرارًا باعتقال كافة المسئولين المسلمين في الحكومة الإثيوبية للتحقيق معهم بشأن تأييدهم لمطالب المسلمين الإثيوبيين ، وهدد بطرد كافة الموظفين المسلمين من أعمالهم الحكومية. ليس في الموت شماتة فالكل شارب من تلك الكأس لا محالة ، لكن لعل في غيابه أن تحل الملفات العالقة ، و يمكن للمبادرات العربية السريعة لمد جسور الثقة مع الإثيوبيين للتوصل لواقع جديد يتناسب مع متغيرات المنطقة الإيجابية.