أهتم شخصياً بالعمل اليدوي وأمارسه داخل البيت حيث تعلمت من والدي- رحمه الله - بعض الأعمال الكهربائية، وكذلك اعمال السباكة، علاوة على بعض اعمال النجارة، والتعامل مع كافة مشكلات البيت البسيطة وأقوم بها بنفسي دون استدعاء أحد. وكان والدي – رحمه الله – لا يستدعي أحدا لأداء أي شئ في البيت، إلا بعد أن كبر سنه واصبح يتعب وكنت أثنيه عن القيام بذلك واحاول أن أقوم بالعمل بنفسي أو أستدعي عاملاً ليقوم به. ولي اكثر من تجربة مع عمال، سواء داخل المملكة، أو خارجها. ومن التجارب التي لا أنساها تجربة في امريكا مع عامل امريكي طلبته لتركيب "كيلون" للمدخل الرئيسي للبيت. فقد حضر في الموعد المحدد، وبدأ العمل حيث قام في البداية بوضع مشمع بلاستيك على الأرض حول مكان عمله، ثم أخرج آلات غريبة يقيس بها مكان وضع قلب الكيلون بشكل دقيق، وآلة أخرى لتحديد المكان الذي سيحفر فيه مكان قلب الكيلون، ثم أخرى للحفر .. الخ . ولم ينته من عمله الا بعد حوالي أكثر من ساعة بدقة وإتقان كبيرة .. وبأجر يتوافق مع هذه المهنية العالية. ولما طلبت منه بعد ذلك عمل "كولنات" لبعض الأبواب الداخلية، أجابني قائلاً : آسف فإن تخصصي هو أبواب المداخل الرئيسية للمنازل فقط؟! وأنتقل من هذه التجربة الإبداعية إلى إحدى التجارب الداخلية مع عامل بنغلاديشي احضرته لإقامة حائط بين غرفتين فانتهى إلى إقامة حائط مائل غير مستقيم فيه بروزات معيبة. وانتهى الأمر بأن اعترف لي بأن مهنته هي عمل الخلطة الإسمنتية، فلما عنفته إعتذر قائلاً : "أنا آسف بابا .. إنت شيل مداس بتاع إنتا واضرب أنا"؟! وانتهى هذا الموقف التراجيدي/الفكاهي بأن استدعيت مرة أخرى عاملا آخر قام بالمهمة بعد تعطيل ونفقات، ناهيك عن الخسائر المعنوية التي تسببها مثل هذه المواقف من امتهان مثل هذه العمالة لحقوق المواطن واستهتار من يجلبها، ومن يحميها، ومن يتغاضى عن وجودها بالإنسان السعودي وحقوقه في إستيفاء الخدمة المطلوبة دون التعرض لمثل هذه المواقف السلبية. وطالما نحن في مجال التذكر، فإني أذكر قديماً أننا كنا نستعين بكثير من العمالة السعودية . فهناك البنا أو اليابا الذي رأيته يشيد بيتنا الجديد في الكندرة آنذاك، وهناك النجار، والسباك، والكهربائي .. وكلهم سعوديون، وكان الوالد الذي امتهن الهندسة الكهربائية، بالتدريب العملي دون دراسة اكاديمية، يساعد مع كل هؤلاء. فمتى هذا اليوم الذي يعود فيه العامل السعودي ليحتل مُجددا مكانه ومكانته. * نافذة صغيرة: [ان عملية ترك كل من هب ودب من العمالة الوافدة يمارس الأعمال المهنية ويتعلم في رؤوسنا الحلاقة سيتم وقفها أو الحد منها على الأقل. لن نسمح بعد اليوم إلا للشخص المؤهل بالعمل في المجال المهني حتى نحد من عملية الهدر لأموالنا بسبب عدم معرفة الكثير من هؤلاء الفنيين للأعمال التي يمارسونها وعدم دراستها من قبل.. وعدم وجود أي شهادات مهنية لديهم.] مرزوق الجعيد - رئيس طائفة ورشة السيارات بمحافظة جدة [email protected] [email protected]