قال البروفيسور طارق بن علي الحبيب المشرف العام على مركز مطمئنة الطبي للاستشارات والتدريب إن الأزمة التي يعيشها المجتمع السعودي تكمن في المثقفين والمختصين والدعاة، في عدم قدرتهم على استيعاب هذا المجتمع وتفهمه واحتوائه، خصوصًا أنه مجتمع شاب ومتحمس، معترفًا بقدرة المجتمع العالية في النقد بما يصل إلى لغة «الشتم»، وأن علاقات المجتمع وتعاملاته قائمة على الشك، مما يفسد حياته. واضاف انه تم رصد أكثر من 300 حالة إدعاء للنبوة بين المرضى النفسيين الذين راجعوا المركز خلال الفترة الماضية، مؤكدا أن الأعراض النفسية قد تؤدي بالأشخاص إلى بلوغ مستويات من الوهم والشك مما يعزلهم عن المجتمع ويدفعهم لتقمص أدوار غير واقعية. جاء ذلك خلال لقائه باعضاء ملتقى إعلاميي الرياض خلال الاسبوع الماضي. وحول ما أثاره أعضاء الملتقى أثناء زيارتهم للمركز فيما يخص مستوى الإحباط والأمراض النفسية في المجتمع السعودي، نفى أن يكون المجتمع السعودي الأعلى عربيًا من حيث الأمراض النفسية، بل وصف المجتمع السعودي بأنه مبهر وينتظره مستقبل مبهر. ورأى أن مشكلة المجتمعات الخليجية تحديدًا وعلى رأسها السعودي هي أن البنيان سبق الإنسان، وأن الوضع الصحيح والصحي هو أن يكون العكس، وأن يتم بناء الإنسان قبل البناء المسلح والنهوض بالبنية التحتية، مراهنًا على تفوق هذه المجتمعات متى ما تحققت لها هذه المعادلةالبسيطة، خصوصًا لما تملكه من ثروات عقلية وطبيعية. وأكد أن «نظرية الشك» تعزل أفراد المجتمع وتجعلهم يتقوقعون، وأن هذا ينسحب على المبتعثين، حيث ينكفئون على مجموعاتهم الصغيرة ولا يستطيعون الاندماج في المجتمعات التي يعيشون فيها ويطورون تجربتهم الثقافية، وكسب ما هو أبعد من الجوانب العلمية والمعرفية، ولكنهم سيحدثون نقلة كبيرة في الوطن على جميع الأصعدة بعدعودتهم لن نستطيع مجاراتهم أن لم نسير بنفس وتيرتهم في التغيير. وأعتبر الإرهاب خللا فكريا وليس نفسيا، وأن الخلل النفسي أسهل علاجًا من الخلل الفكري، وأن الإرهابي لديه إصرار وتعمد على القيام بالعمل التخريبي ولديه عدائية مع المجتمع وسياسة البلد الذي يعيش فيه، وهذا النوع من الخلل يحتاج استراتيجيات علاج مختلفة ويتطلب حمايةالضحايا مسبقًا وتحصينهم ضد هذا الفكر التدميري؟ . واشار إلى انه وضع استراتيجيات كثيرة في جوانب حيوية تخدم المجتمع وتسهم في تطوير قدراته في إدارة الحياة، وأنه هذه الاستراتيجيات شملت كل شيء بدءا من الطفولة إلى الشخصيات القيادة في المجتمع، ولكن هذه الاستراتيجيات ليس دائمًا تلاقي الاهتمام والقبول من المؤسسات الحكومية. واضاف أنه صمم برامج تدريبية أخرى للوظائف العليا في الدولة، وانخرط فيه أعضاء من هيئة التحقيق والإدعاء العام، وأيضًا كتاب العدل في وزارة العدل، كما سيتم تدريب قضاة على هذا البرنامج الحيوي، والموجه للموظفين الذين لديهم تعاملات يومية مع الجمهور ويتولون ملفات وقضايا حساسة في المجتمع، موضحًا أن بعض دول الخليج استفادت من هذه البرامج وأنها تلاقي اهتمامًا منقطع النظير. وأضاف أنه قدم برنامجًا نفسيًا للرئاسة العامة لرعاية الشباب، على شكل دورات تدريبية للاعبين منذ مدة وما زال ينتظر الرد، فيما كشف أن هناك نجما دوليا يتلقى دورات تدريبة لدى مركز مطمئنة الطبي في كيفية «إدارة الغضب»، وأن نتائج الدورة انعكست إيجابيا بشكل كبير على عطائه داخل المللعب وخارجه. وعندما سال أحد أعضاء الملتقى عن مشكلات العنف في المجتمع خصوصًا ضد الأطفال، أوضح أنه يطالب برخصة للأبوة والأمومة، وأنه من الضروري مثل ما يكون هناك فحص للزواج يكون هناك فحص اللأبوة والأمومة، مشددا على عقد دورات وتأهيل خاصة لهذا الدور المهم والحيوي الذي يترتب على أجيال ناجحة وصحية فكريًا لأنه إذا أحسن التربية حسنت الثمرة من هؤلاء الأبناء، وأنه يتوجب على الزوج والزوجة الحصول على رخصة «الأبوة» حتى نضمن جيلًا ناجحًا خاليًا من المشكلات والاضطرابات النفسية. وحول حضور الدكتور الحبيب عالميًا وانتشار استراتيجياته قال إنه يجري التواصل من وزارة الصحة في الحكومة الليبية إلى وضع استراتيجية كاملة للصحة النفسية في البلاد، وآليات سريعة لمعالجة أثر الحرب وما تركته من آثار نفسية كبيرة في مختلف شرائح المجتمع، إضافة إلى عدة برامج إذاعية تبث عبر عدد من الإذاعات الليبية. كما أوضح أنه الآن يقوم بمعالجة آثار الحرب على الشعب السوري من خلال تأهيل متطوعين يتوجهون إلى مخيمات اللاجئين في الأردن وتركيا، وأن هذا العلاج مجاني وتبرع من مركز مطمئنة الطبي. وبين أن مركز مطمئنة الطبي، يقدم العلاج المجاني إلى منسوبي الجمعيات الخيرية، وأن المركز لديه آلية متبعة في ذلك بالتنسيق مع هذه الجمعيات على مستوى المملكة، لافتًا إلى استعداد المركز مد يد العون لكل محتاج حتى خارج المملكة لكن وفق آليات محددة معالجتها الرسمية والمعنية بذلك. وختم اللقاء، بعقد اتفاق تعاون بين مركز مطمئنة الطبي وملتقى إعلامييّ الرياض، يقدم من خلالها المركز دورات موجهة للإعلاميين من أبرزها برنامج إدارة الضغوط الحياتية وخصوصًا العملية التي يمكن يواجهها الإعلاميون في حياتهم الإعلامية السريعة، والتي تبدأ بدورة «فهم الشخصيات في بيئة الإعلام» ل 200 صحافي وصحفية خلال الشهر المقبل.