قبل سنوات التقيتُ في المدينة بطبيب عربي ذي جنسية أمريكية؛ تعاقدت معه (الصّحة) للعمل في موسم الحَج! يومها سألته عن طبيعة حياته هناك؛ فأكد أن جُلّ وقته لعمله الرسمي الطويل في المستشفى، وبخِلاف مدة راحته ونومه لديه في الأسبوع ساعتان من الفَرَاغ، وقد خَصّصهما للتطوّع في الإسعاف!! هذا اللقاء تذكرته، وقد رأيت قبل ثلاثة أيام تقريرًا في قناة العربية عن فَتَاة أمريكية مُسْلِمَة ذات أصول سورية لم تصل ل(العشرين) من عمرها؛ (سَارَة) تلك الفتاة المحجبة لم تستغل إجازتها الدراسية في ملاحقة البرامج والمسلسلات التلفزيونية، ولا في مطاردة الموضة والأزياء؛ أو حتى في النوم نهارًا والسهر ليلاً على البلاك بيري والشَات والنّت والتّغْريدات!! بل تركت أمريكا وذهبت للتّطوّع في (تركيا)؛ إذ تقوم بخَدمات صِحّيّة لمساعدة اللاجئين السوريين هناك! فما أجمل التطوّع والإحساس بالمسؤولية الاجتماعية، والمسارعة في نجدة الآخرين، ومَدّ يد العون لهم! تلك الفضائل والممارسات تغرسها التربية الغربية في نفوس الناشئة من خلال المناهج والقدوة والبرامج التطبيقية؛ ونحن المسلمين أولى بتلك الفضائل التي هي من فَصُول وتَعَالِيْم دِيْنِنَا! والحقيقة أنّ بعض الأزمات والأحداث التي مَرت بها بلادنا ك(حرب الخليج الثانية، وما خلفته السيول التي اجتاحت بعض المناطق) أثبتت أن شبابنا من الجنسين لديهم حبّ العمل التطوعي؛ ولكن الأمر يحتاج من الجهات الحكومية والمدنية ذات العلاقة إلى زيادة مساحة ذلك (الفِعْل الإنساني في النفوس)، وتأمين غطاء رسمي، أو شعبي له، ونشره ببرامج حديثة وعَصْرِية؛ ليكون ممارسة دائمة وليست وقتية!! وهنا أعتقد أنّ الأُسَر والمدارس والجامعات، ومنبري المسجد والإعلام؛ يقع على عاتقها مهمة التربية والتثقيف والتوجيه نحو تلك الأفعال النبيلة. كما أن (الشؤون الاجتماعية والدفاع المدني، والهلال الأحمر السعودي) مهمتها أن تُعْنَى بجوانب التدريب والتواصل الفاعل مع المتطوعين. وأخيرًا هل حَان وقت إلزام الشباب والفَتَيَات ب(خِدْمَة المجتمع)؟! تويتر: @aaljamili [email protected] [email protected]