تعد الملتقيات والمخيمات الدعوية من أهم وسائل الدعوة؛ فقد أسهمت بشكل ملحوظ في احتواء كثير من شرائح المجتمع خاصة في شهر رمضان الكريم بما تقدمه من مناشط دعوية وبرامج تربوية وعلمية وتوعوية وإرشادية وترفيهية تبعث على الفائدة وزرع الابتسامة ونشر الفرح والسرور على محيا الحاضرين، كما تحفظ أوقات الشباب من الضياع، لكن هذه الملتقيات توقفت فجأة دون سابق إنذار ما جعل الكثيرين يتساءلون عن أسباب التوقف. جريدة «المدينة» استطلعت آراء المشايخ والمختصين والمواطنين فخرجت بهذا التحقيق الذي امتنع المسؤولون في وزارة الشؤون الإسلامية عن المشاركة فيه. في البداية أكد المواطن عويض عوض الله العتيبي أهمية هذه الملتقيات في هذا الشهر الفضيل قائلاً تهدف هذه المخيمات إلى جذب الشباب وإصلاحهم، وتوجيههم إلى الخير، كما تهدف إلى ترفيههم من خلال المسابقات الثقافية والفرق الترفيهية والألعاب الرياضية. ولا تقتصر هذه المخيمات على الشباب فقط بل على الكبار وكذلك النساء، إذ توجد محاضرات نسائية خاصة، ويستغرب العتيبي عدم إقامة هذه المخيمات والملتقيات في الشهر الفضيل. وأكد المواطن بدر بن صويلح الروقي: أهمية فكرة مثل هذا العمل الدعوي في شهر رمضان المبارك خاصة مع قلة وسائل الدعوة من وجهة نظره، ويرى ضرورة التوازن في مثل الملتقيات بين الترفيه المشروع والتوجيه الدعوي الجاد. أما المواطن مسعود السمران فقد شدد على أن الملتقيات أو المخيمات الدعوية التي انتشرت في أرجاء هذا البلد المعطاء تجعل الناظر أو الزائر إليها يشعر أن هناك مجهودات جبارة ومتواصلة من أشخاص نذروا أنفسهم للعمل التطوعي ولا يريدون إلا وجه الله عز وجل ويتساءل السمران عن سبب إيقافها رغم إيجابياتها الكثيرة ورغم الحضور الجماهيري الكبير والانتشار الواسع على مستوى مناطق المملكة. من جانبه يرى رئيس مكتب الدعوة وتوعية الجاليات في حي النسيم بالرياض الشيخ فهد التويجري أن توقف الملتقيات الدعوية في شهر رمضان المبارك يعود لمجموعة من الأسباب من أبرزها: انشغال كثير من المشرفين والمسؤولين على هذه البرامج بأعمال وارتباطات أخرى حيث كان المورد البشري هو المحرك لهذه الملتقيات وبغيابه أو فقده توقفت هذه المشروعات العملاقة، التي كان لها أثرها الواضح في توجيه الشباب التوجيه الصحيح في هذا الشهر الفضيل. وأضاف التويجري أن هناك إيجابيات كانت تعود على المجتمع من هذه الملتقيات أهمها تقليل الانحرافات والسلوكيات الشاذة الخارجة عن قيم المجتمع وعاداته السامية، بالإضافة إلى المساهمة في نشر ثقافة الأمن والسكينة العامة. وناشد الداعية الشيخ محمد بن سرار اليامي المسؤولين أن يعيدوا النظر في مسألة منعها وإغلاقها، ودعا إلى إقامتها بوجود مشرفين مؤتمنين ومنضبطين قادرين على حفظ أوقات الشباب واستغلال طاقاتهم بما يفيد وينفع بدلاً من أن يكونوا عالة على المجتمع بإثارة المشكلات الاجتماعية والأمنية والفكرية وغيرها. ومن جانبه شدد عضو الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفرق والمذاهب ورئيس لجنة العلاقات العامة والإعلام بالجمعية الشيخ الدكتور نهار بن عبدالرحمن العتيبي على أن الملتقيات الدعوية تميزت ببرامجها المخصصة لكل فئة؛ فللشباب ما يناسبهم وللشابات ما يناسبهن وللرجال والنساء كذلك ما يناسبهم, ومن المميزات أيضا أنها منوعة ففيها التعليم وفيها التدريب وفيها الترفيه والمسابقات التنافسية وفيها اكتشاف المواهب؛ ما يجعل هذه البرامج مشوقة وغير مملة وفي الوقت ذاته تلبي احتياجات المشاركين ورغباتهم بما هو مباح ومفيد في آن واحد. وأما الداعية الشيخ حسن بن عبدالله بن قعود فيشير إلى الحاجة إلى إقامة مثل هذه الملتقيات خاصة ما يتعلق منها بالتنمية الأسرية وتربية الأبناء ومسؤولية الزوجين، ودورات المقبلين على الزواج، وعلاج حالات الطلاق وخطورة التفكك والعنف الأسريين, وغير ذلك من الدورات الهامة التي لا تصب في مصلحة الأسرة فقط بل في مصلحة المجتمع بأسره. كما ألمح بن قعود إلى أن المجتمعات الإسلامية ومنها المجتمع السعودي يشهد تغيرات في المجال المعرفي والاقتصادي سواء من حيث تغير ما يعرض في وسائل الإعلام من معارف ومفاهيم وثقافات أو من ناحية زيادة الأعباء الاقتصادية والحاجة إلى مستوى معيشي معين وغلاء وسائل الاتصال وزيادة أسعار السلع مما يجعل إقامة دورات في المجال الاقتصادي وكيفية الترشيد في الاستهلاك أمر ضروري ومهم يدعو وبإلحاح إلى تشجيع هذه الملتقيات وتنشيطها وإعادة تنظيمها وترتيبها وفق الضوابط المناسبة التي تحقق أهدافها وتؤتي ثمارها اليانعة بإذن الله تعالى.