أمير القصيم يرعى حفل تكريم محافظ عنيزة الأسبق    استشهاد 10 فلسطينيين في جنين    500 مليار دولار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي بالولايات المتحدة    صندوق الاستثمارات العامة وشركة "علم" يوقّعان اتفاقية لاستحواذ "علم" على شركة "ثقة"    كعب «العميد» عالٍ على «الليث»    فرصة هطول أمطار رعدية على عدة مناطق    ارتفاع أسعار الذهب إلى 2748.58 دولارًا للأوقية    وفاة مريضة.. نسي الأطباء ضمادة في بطنها    الاتحاد والشباب.. «كلاسيكو نار»    اعتباراً من 23 رجب.. حالة مطرية «سابعة» تترقبها السعودية    انخفاض في وفيات الإنفلونزا الموسمية.. والمنومون ب«العناية» 84 حالة    سكان جنوب المدينة ل «عكاظ»: «المطبّات» تقلقنا    وزير الخارجية من دافوس: علينا تجنّب أي حرب جديدة في المنطقة    محافظ الخرج يزور مهرجان المحافظة الأول للتمور والقهوة السعودية    10 % من قيمة عين الوقف للمبلّغين عن «المجهولة والمعطلة»    حماية البيئة مسؤولية مشتركة    تأسيس مجلس أعمال سعودي فلسطيني    سيماكان: طرد لاعب الخليج «صعّب المباراة»    دوري" نخبة آسيا" مطلب لجماهير النصر    في الجولة 18 بدوري" يلو".. الباطن في مواجهة العين.. وأحد يصطدم بالحزم    الرياض تستعد لمؤتمر«ليب»    خادم الحرمين وولي العهد يُعزيان الرئيس التركي في ضحايا حريق «منتجع بولو»    وفد "الشورى" يستعرض دور المجلس في التنمية الوطنية    وفاة الأمير عبدالعزيز بن مشعل بن عبدالعزيز آل سعود    تعديل قراري متطلبات المسافات الآمنة حول محطات الغاز.. مجلس الوزراء: الموافقة على السياسة الوطنية للقضاء على العمل الجبري بالمملكة    ولي العهد يرأس جلسة مجلس الوزراء    المكاتب الفنية في محاكم الاستئناف.. ركيزة أساسية لتفعيل القضاء المؤسسي    أبواب السلام    علي خضران القرني سيرة حياة حافلة بالعطاء    إيجابية الإلكتروني    شيطان الشعر    إنستغرام ترفع الحد الأقصى لمقاطع الفيديو    قطة تتقدم باستقالة صاحبتها" أون لاين"    كيف تتخلص من التفكير الزائد    عقار يحقق نتائج واعدة بعلاج الإنفلونزا    ضبط تسع شركات استقدام مخالفة    الدبلوماسي الهولندي مارسيل يتحدث مع العريفي عن دور المستشرقين    بيتٍ قديمٍ وباب مبلي وذايب    تأملات عن بابل الجديدة    حفل Joy Awards لا يقدمه إلا الكبار    الرئيس ترمب.. و«إرث السلام»!    خطة أمن الحج والعمرة.. رسالة عالمية مفادها السعودية العظمى    محاذير المواجهة ضد قسد    بيع المواشي الحية بالأوزان    "رسمياً" .. البرازيلي "كايو" هلالي    متلازمة بهجت.. اضطراب المناعة الذاتية    دهن سير الشهرة بزيت الزيتون    في جولة "أسبوع الأساطير".. الرياض يكرّم لاعبه السابق "الطائفي"    جامعة الأمير سطام تُتوج بكأس الجامعات لكرة القدم "ب"    مفوض الإفتاء في جازان: المخدرات هي السرطان الذي يهدد صلابة نسيجنا الاجتماعي    فهد بن محمد يرأس اجتماع «محلي الخرج»    سعود بن نايف يكرم سفراء التفوق    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبدالعزيز بن مشعل    حرس الحدود بمكة ينقذ مقيمين تعطلت واسطتهما البحرية    نائب أمير تبوك يتسلم التقرير السنوي لفرع وزارة الموارد البشرية    انطلاق المرحلة الأولى من برنامج "سفراء المحمية"    برئاسة نائب أمير مكة.. لجنة الحج تستعرض مشاريع المشاعر المقدسة    محافظ جدة يطلع على برامج إدارة المساجد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكيان الجَمَالي من الحس إلى المعنى
هل التذوق الجمالي ضرورة في ظل أجواء مضطربة.. حيث السعي الحثيث خلف لقمة العيش.. أو الاهتمام بنتائج الحروب في المحيط المجاور؟
نشر في المدينة يوم 13 - 08 - 2012

لا أرغب بتحويل هذا المقال إلى سرد سريع لبعض النظريات الجمالية أو عرض لمبحث (الاستاطيقا Aesthetics) والذي يختص بدراسة موضوع الجمال عند الإنسان، أو كيف يتعاطى الإنسان مع هذه الخاصية التي تشغل حياته وتميزه عن سائر الكائنات، فقد اعتاد الفلاسفة على تقسيم مباحث الفلسفة التقليدية إلى الحق (المنطق) والخير (الأخلاق) والجمال موضوع هذا المقال، ولكني لن أتطرق للجمال بوجهه العام، وإنما أتساءل عن تناولنا وتعاطينا مع ما نسميه جميلا، هل هو تعاط يغلب عليه جانب الحس (الممارسة التلقائية واليومية التي تصطبغ بجانب الاستهلاك) أم هو تعاط يغلب عليه طابع المعنى (تحويل ما هو استهلاكي إلى موضوع جمالي من خلال التأمل والتفكير)؟!
الواضح أن الإدراك الجمالي يرتبط -أول ما يرتبط- بالحواس الخمسة، وهذه تتوافر عند جميع البشر بالفطرة والخلقة، ومن خلال هذه القنوات الإدراكية يمكن للمرء أن يستمتع بالجماليات على مختلف إيراداتها، فالنغم «الجميل» تطرب له الأذن، والعطر «الجميل» يتسلل إلى حاسة الشم دونما استئذان، والمنظر «الجميل» تدمن رؤياه العين، والمشترك بين هذه الممارسات هي صفة «الجمال» والتي أعرّفها في هذا المقال (بشكل مؤقت على الأقل) بأنها تلك الصفة التي يدركها الإنسان وتمنحه الشعور باللذة عبر المجالين الحسي والمعنوي معًا، فاللذة الحسية لوحدها لا تخلق جمالًا بل متعة عابرة، واللذة العقلية بمعزل عن الحس تخلق حالة وجدانية ونورانية خالصة، أما عند امتزاج اللذتين معًا فإن هذا ما يمكن أن ندعوه بالجمال، ودائمًا ما يكون هذا «الجميل» معتمدًا على عناصر التناسق والانسياب والحرية والتناغم، وهي الصفات التي تتناقض مع التشويه والاضطراب والعشوائية.
وللمرء أن يتساءل عن جدوى هذه المقدمة وارتباطها بواقعنا الحي والمعاش، هل التذوق الجمالي ضرورة في ظل أجواء مضطربة، حيث السعي الحثيث خلف لقمة العيش، وترقب أخبار زيادة العلاوات، أو الاهتمام بنتائج الحروب والكوارث في المحيط المجاور؟ والواقع أن مثل هذه التساؤلات -وهي ليست قليلة!- تفترض أن الفكر البشري يجب أن يلتصق بما هو معاش حصرًا، وأما سوى ذلك فلا نفع له ولا فائدة. والحقيقة أن مثل هذه النظرة بالذات تتناقض مع المفهوم الجمالي الذي أكتب عنه الآن، كما أنها تتناقض مع أي هواية عقلية أو روحية أو فنية، وذلك بالنظر لكونها رؤية مادية ساذجة، تسطح أبعاد الإنسان وتجعل منه قزمًا صغيرًا لا يتجاوز واقعه اليومي ولا يقدر على تجريد الأمور والابتعاد بها مسافة شبر عن مكانه المحدود.
من هذه الجزئية بالذات يمكن نقد التعاطي الجمالي في واقعنا الحي: فهو تعاط يغلب عليه النزوع نحو العناصر الحسية البسيطة، ويرتبط بالتصورات البدائية والمتعلقة بجسد المرأة أو المناظر الطبيعية الخارجية أو التصميمات الهندسية والعمرانية وغيرها. هذا التعاطي لا يتعامل مع «الجميل» بصفة معمقة، بل يتخذ منه موضوعًا مستهلكًا، سرعان ما يشيح عنه وجهه ويتجه لموضوع آخر يزيح عنه الملل والضجر. بينما النظرة الجمالية المعنوية تتخطى هذا التناول السريع وتنزع نحو التأمل الجمالي، ونقل هذا المدلول الجميل من المجال اليومي العابر إلى المجال الفوقي والعقلي والتأملي، لكون اللذة الجمالية لا ترتبط دائمًا بالاستهلاك المحموم وجنون الاقتناء المادي، وإنما تمتلك آفاقها العميقة عبر التجربة الجمالية التي لا تشترط استهلاكًا تقليديًا شائعًا، بقدر ما تتطلب خبرة روحية في التعاطي مع موضوعات الحس وما تعثر عليه ممارساتنا الحية من فرص لتذوق الجمال في الواقع.
مثل هذا التصور الفكري للجمال يتعذّر أن ينتشر في بيئة تتحفظ على الفنون بالمقام الأول، ويروج فيها الفن الساذج، وتنتشر فيها الدعاية المستمرة عن المقتنيات والسلع لتزهّد الناس بثرائهم الداخلي. أيضًا لا يمكن لمسارات التعليم الأساسي والجامعي أن تتنصل من مسؤولية تعزيز التلقي الجمالي عند الطالب.
والأهم من ذلك كله: أن الجانب التقني في العالم الصناعي أخذ على عاتقه الاهتمام بالجماليات ولكن عبر نزعة عصرية وتقنية محضة، من خلال نشر المقاطع الموسيقية في الانترنت، وبث الصور الفوتوغرافية التي التقطها المحترفون، وصياغة الأفلام السينمائية والوثائقية، ونقل خشبة المسرح من مكانها إلى الشاشة الإلكترونية، كل هذه العوامل التقنية تثبت أن التعاطي الجمالي يتطور في أماكن شتى ويبرز نفسه في أكثر من صورة وإطار، أما في أماكن أخرى فلا يزال محاربًا عن وعي أو بلا وعي، وفي أحسن الأحوال يبقى عرضة للتجاهل والتغاضي.
[email protected]
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.