مضى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وصاحبه في سيرهما مهاجرين إلى المدينة بعدما غادرا خيمتي أم معبد، كما ذكرنا بالأمس، فوافيا قباء ظهر يوم الاثنين الثامن من ربيع الأول سنة أربع عشرة من البعثة، وهي السنة الأولى من الهجرة النبوية المباركة. «قال محمد بن إسحاق عن عروة بن الزبير رضي الله عنه، إن رجالاً من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم قالوا: لما بلغنا مخرج النبي صلّى الله عليه وسلّم من مكة وتوقعنا قدومه، كنا نخرج إذا صلينا الصبح إلى ظاهر حرتنا ننتظر النبي صلّى الله عليه وسلّم فوالله ما نبرح حتى تغلبنا الشمس على الظلال، فإذا لم نجد ظلاً دخلنا، حتى إذا كان اليوم الذي قدم فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين دخلنا البيوت، فكان أول من رآه رجل من يهود، فصرخ بأعلا صوته: يا بني قيلة (وقيلة هي أم الاوس والخزرج): هذا جدكم قد جاء، فخرجنا إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم وهو في ظل نخلة ومعه أبوبكر في مثل سنه، وأكثرنا لم يكن رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قبل ذلك، ولم يعرفوه حتى زال الظل عنه فقام أبوبكر فأظله بردائه فعرفناه عند ذلك». فأقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بقباء في بني عمرو بن عوف . «قال ابن القيم: وسمعت الوجبة والتكبير في بني عمرو بن العوف، وكبر المسلمون فرحًا بقدومه، وخرجوا للقائه، فتلقوه وحيوه بتحية النبوة، فأحدقوا به مطيفين حوله، والسكينة تغشاه، والوحي نزل عليه: ((فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ)) سورة التحريم: 4، وكانت المدينة كلها قد زحفت للاستقبال، وكان يومًا مشهودًا لم تشهد المدينة مثله في تاريخها. ونزل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بقباء على كلثوم بن الهدم، ومكث علي بن أبي طالب رضي الله عنه بمكة ثلاثًا، حتى أدى عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الودائع التي كانت عنده للناس، ثم هاجر ماشيًا، حتى لحقهما بقباء ونزل على كلثوم ابن الهدم. أقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في قباء بضعة أيام وأسس هناك مسجد قباء وهو المسجد الذي وصفه الله بقوله «لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ» سورة التوبة: 108، وقد شارك النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه في بنائه وصلّى فيه. ولهذا المسجد المبارك فضائله التي خُصّ بها. وبعد أن تم بناء المسجد اتجه النبي الكريم صلّى الله عليه وسلّم إلى داخل المدينة ظهر يوم الجمعة الثاني عشر من ربيع الأول، فأدركته الصلاة في بني سالم بن عوف، فصلاها في المسجد في بطن وادي رانوناء، فكانت أول جمعة صلاها في المدينة. السؤال الحادي والعشرون: نزلت آية كريمة في فضل مسجد قباء وهي قوله تعالى: (لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ..) في أي سورة من سور القرآن الكريم نزلت هذه الآية؟ الخيارات: 1 سورة التوبة. 2 سورة آل عمران. 3 سورة الأعراف.