بعد أداء صلاة الفجر في المسجد النبوي، يتسابق الحجاج إلى ساحة وقوف الحافلات الصغيرة، التي تمتلئ بهتافات السائقين «مزارات.. مزارات»، ومن هذا المكان ينطلق الحجاج في رحلة مع التاريخ الإسلامي، لزيارة المواقع التي ارتبطت بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته، تبدأ بمسجد قباء وتنتهي ببقيع الغرقد، مرورا بمسجد الجمعة، والقبلتين، والمساجد السبعة، وموقع معركة أحد وما يحضنه من جبل الرماة ومقبرة الشهداء. تبدأ الرحلة من مسجد قباء، الذي يقع جنوب غربي المدينة، ويبعد عن المسجد النبوي خمسة كيلو مترات، وهو أول مسجد بني في الإسلام، أسسه النبي صلى الله عليه وسلم لبني عمرو بن عوف، وخطه صلى الله عليه وسلم بيده، وشارك في وضع أحجاره الأولى، ثم أكمله الصحابة، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يحض على زيارته، فقال: «من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة كان له أجر عمرة». ثم ينتقلون إلى مسجد القبلتين الواقع إلى الشمال الغربي من المسجد النبوي بمسافة ثمانية كيلو مترات، وتعود تسميته ب «القبلتين» إلى ما حدث أثناء صلاة الصحابة فيه، بأن صلوا صلاة واحدة إلى قبلتين، حيث كانوا موجهين إلى البيت المقدس، فوجهوا قبلتهم إلى المسجد الحرام بعد نزول آية تحويل القبلة، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم من يبلغهم بتحويل القبلة، فجاءهم والناس يصلون، فأخبرهم بأمر الله، فحولوا وجهتهم أثناء الصلاة. وتأتي المساجد السبعة من المواقع المهمة التي يزورها الحجاج وهي ستة مساجد صغيرة متجاورة في الجهة الغربية من جبل سلع، سميت ب «السبعة» رغم أنها ستة باعتبار قرب مسجد القبلتين منها، وكان يطلق عليها «مساجد الفتح»، وهي المقر الرئيس لقيادة غزوة الخندق، ويسمى كل مسجد باسم الصحابي الذي ارتبط فيه، وهي مساجد أبي بكر الصديق، عمر بن الخطاب، علي بن أبي طالب، سلمان الفارسي، فاطمة بنت علي، والفتح. ومن المواقع التي يحرص الحجيج على زيارتها مسجد الجمعة وهو المكان الذي صلى فيه الرسول عليه الصلاة والسلام حين خرج من قباء متوجها إلى المدينة وأدركته صلاة الجمعة، وكان يسكنه بنو سالم بن عوف، ونزل فيه النبي وصلى الجمعة، فكانت أول جمعة بعد هجرته.