انشقاق رئيس الوزراء رياض حجاب عن النظام السوري مؤخرًا، بعد أقل من شهرين من تعيينه، شكل بإجماع المراقبين ضربة جديدة موجعة على رأس النظام بما يعجل في تسريع العد التنازلي لنهايته الوشيكة، حيث بات من الواضح أن سلسلة الانشقاقات الأخيرة في المؤسستين العسكرية والسياسية أدت إلى ترنح النظام الذي أصبح ينتظر رصاصة الرحمة ليشهد العالم نهاية هذا الفصل المأساوي في تاريخ سوريا الحديث حيث وصلت الأمور إلى حد أن المراقبين والخبراء لم يعودوا يتحدثون عن توقيت وآلية السقوط لهذا النظام الذي استباح دماء شعبه، وإنما أصبحوا يتحدثون عن سوريا ما بعد الأسد، بكل ما يحمله ذلك من آمال في أن تكون وطنًا تتعايش في أكنافه كافة فئات الشعب السوري سنة وشيعة، مسلمين ومسيحيين، عربًا وأكرادًا وشركس وتركمان، في أجواء من العدل والمساواة وفي إطار حكم ديمقراطي رشيد يحقق آمال وطموحات المواطن السوري في الحياة الحرة والعيش الكريم. الانشقاقات المستمرة واختفاء الغالبية العظمى من مساعدي الأسد الأمنيين والعسكريين الذين قضوا في التفجيرات الأخيرة وانضمام أعداد كبيرة من عناصر الجيش السوري إلى الجيش السوري الحر، والإجماع الذي أبدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في اجتماعها الأخير في إدانتها للنظام السوري وتوجيهها اللوم لمجلس الأمن لإخفاقه في وقف العنف هناك، والمقاومة الأسطورية الباسلة التي تبديها المدن السورية، وعلى الأخص حلب وحمص وحماة، في مواجهة جيش النظام الذي يستخدم كافة ترسانته السلاحية بما في ذلك الطائرات لتدمير الإرادة الشعبية وحصد أرواح الأبرياء بلا رحمة ولا شفقة بما في ذلك الأطفال، كل ذلك يقدم مؤشرات قوية على أن نظام الأسد أصبح في طور الاحتضار بالرغم من محاولاته اليائسة للبقاء على قيد الحياة لفترة أطول والتي تمثلت مؤخرًا في إطلاقه سراح 1200 عنصر من حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره أنقرة منظمة إرهابية، والتخلي عن بعض المناطق الحدودية مع تركيا للأكراد في محاولة لزعزعة استقرار تركيا وتخفيف الضغط على جبهة حلب. على الأسد أن يدرك من خلال تلك المؤشلرات أن النهاية أزفت وأن عليه أن يحمل عصاه ويرحل قبل أن تطاله يد الانتقام من شعبه ويلقى مصير القذافي.