* لابد أنك عرفت -عزيزي القارئ- شخصًا أو أكثر أضاع الجزء الأكبر من عمره متخبطًا في تقفي آثار الناجحين، ومحاولة تقليدهم، دون أن يصيب شيئًا من نجاحاتهم! إن لم تكن قد صادفت أحدًا من هؤلاء، فالأكيد أنك عرفت آخرين يملكون من المواهب والقدرات ما يكفل لهم تحقيق النجاح، لكنهم رغم ذلك فاشلون أيضًا! مثل هؤلاء وأولئك كثيرون من حولنا، وما يجمع بينهم ليس الفشل والتوهان فحسب.. بل هو الجهل بذواتهم، وعدم معرفتهم لإمكاناتهم، ولما يملكون من قدرات!. * الطريق الناجح بالنسبة لشخص ليس بالضرورة أن يكون ملائمًا للجميع.. فلكل إنسان مواهبه، وملكاته، وقدراته الخاصة.. والخطوة الأولى في سلم النجاح هي التعرّف على الذات، وما تملك من إمكانات.. واكتشاف المجال الذي يمكن للإنسان التفرّد فيه وتحقيق النجاح. * هل تعرف الكولونيل ساندرز؟ إنه العجوز الذي تملأ صورته معظم شوارع العالم.. مؤسس مطاعم (كنتاكي) الذي بدأ حياته كمزارع، ثم عاملاً في شركة باصات، ثم جنديًّا ثم موظفًا بالسكة الحديد.. لقد عمل في كل شيء تقريبًا؛ لكنه لم يحقق النجاح والثروة إلاَّ بعد بلوغه الأربعين.. عندما توقف مع نفسه ذات ليلة، وتعرّف عليها، واكتشف موهبته.. فأخذ يُعدّ الوجبات في غرفته الصغيرة ويبيعها للمسافرين، عندها بدأت بوادر نجاحه بالظهور.. افتتح بعدها أول مطاعمه.. وعندما بلغ الستين كان هناك أكثر من 600 مطعم في أمريكا وكندا تتبع لعلامة (KFC).. واليوم تبلغ فروع سلسلة مطاعمه أكثر من 15000 فرع حول العالم. * قصة أخرى بطلها زميلنا الكاتب فهد الأحمدي، الذي كان شغوفًا بالقراءة والمعرفة إلى الحدّ الذي أشغله عن الدراسة والحصول على شهادة.. عانى فهد من البطالة كثيرًا، خصوصًا بعد عودته من رحلة دراسية في أمريكا لم يكتب لها النجاح أيضًا.. وفي إحدى (الكافتيريات) الشعبية استمع إلى حوار كان يدور بين اثنين من المصريين، إذ قال أحدهما للآخر: «اللي تغلب به العب به».. وهو مثل شعبي شائع يشبه في معناه مقولة: «ابحث عمّا تملكه ثم أحسن استغلاله».. أو «اعمل في المجال الذي تفوز به».. فكانت تلك العبارة أشبه بالرسالة التي تلقفها بالتساؤل: «ماذا أملك لأستثمره وأفوز من خلاله؟».. خرج فهد من (الكافتيريا) بوجه غير الذي دخله به.. فقد عرف أن ما يملكه ويمكنه أن يغلب به الآخرين هو الثقافة، والمعلومة التي اكتسبها من مطالعته لمئات الكتب والمقالات.. فراسل الصحف، واجتهد، وثابر حتى أصبح اليوم أحد أشهر الكتّاب السعوديين، وأكثرهم نجاحًا. * أمّا (رون سكانلان) فقد كان في الثالثة عشرة من عمره عندما أصيب بشلل في قدميه.. لم يلعن حظَّه كما يفعل كثيرون، بل قال لنفسه: «إن كانت قدماي قد شُلّتا فلا زالت يداي تعملان، ولابد أن استغلهما كي أصبح بطلاً»، ثُم بدأ في ممارسة «الكونغ فو» بإصرار وعزيمة؛ حتى حصل على الحزام الأسود، وعِندما بلغ 37 سنة، كان قد أصبح مدربًا، ولديه مدرسته الخاصة.. وفي لقاء تليفزيونيَّ سئل عن سبب نجاحه فقال: «عندما تعرف نقاط ضعفك وإمكانياتك، وتركز كل طاقاتك من أجل بلوغ هدفك، فلا بد أن تنجح وتحقق هدفك». * ليس هناك أحد يستطيع أن يهبك النجاح مثلما تفعل نفسك.. فابحث عنها أولاً.. وتعرّف على ما استودع الله بها من قدرات.. أبهر الناس بما لديك من طاقات، ولا تقلّد الآخرين، فلكل إنسان بصمته الخاصة، وطريقه الخاص.. وتذكر أنك لكي تنجح لا بد أن يكون لك هويتك الخاصة، وأسلوبك المتفرّد. [email protected]