قد تصف أحدهم بأنه ذكي لكنه لا يعرف مصلحة نفسه، فهو مغامر إلى حد المقامرة مثلا، أحمق مثلا، لا يتخير معاركه، كثير المشاكل أو كما نقول "جايب لنفسه المشاكل" وغير ذلك من الأوصاف. وقد نستغرب كيف أن ذكاء مثل هذا الإنسان مثلا وقدراته المتنوعة تحرمه من الحفاظ على النجاح مثلا أو اكتساب حالة من الاستقرار المهني والاجتماعي. فنحن في حركتنا الدائمة نبحث عن الاستقرار ولكن الاستقرار قد لا يعني الخمول أو البقاء مكانك سر، لكنه يعني البقاء في منطقة أمان تتوفر فيها أساسيات نفسية وبيئية معينة تتيح لنا الحركة والتوسع والانطلاق في كل الاتجاهات. ليس بالضرورة أن تكون شديد الذكاء أو مميزا في مواهبك البشرية الخارقة كي تصل لما تريد أو كي تحقق نجاحا ما، لكن ما تحتاجه هو وضوح رؤية تعرفك بما تملك من قدرات، وبحدود إمكانياتك ووضوح أهدافك حتى تصل لما تريد. ما تحتاجه أحيانا هو قدرة على التركيز وجهود مضاعفة حتى تحقق ما تريد في هذه الحالة قد يأخذ الذكاء المتقد مقعدا خلفيا لأنك تحتاج لمهارات أخرى تتطلبها لعبة البقاء أو النجاح أو الاستقرار. ليس بالضرورة أن تكون هذا الإنسان الفذ أو السوبر كي تنجح، كل الناجحين من حولك حددوا نقطة انطلاق وهدف وصول ومشوا باتجاه هذا الهدف وعلموا بجهد مضاعف حتى يصلوا لمبتغاهم، أحيانا قد تحتاج أن تكون أكثر طواعية مع البيئة المحيطة بك فبدلا من أن تحارب الرياح الرملية الشديدة أو تجلس في البيت تتذمر منها قد تحتاج أن تضع كمامة وتخرج لإنهاء شؤونك، لا أدري إن كان المثال واضحا، لكن ما أقصده أنك تحتاج أن تتواءم مع بيئتك لا أن تنفصل عنها. أحيانا قد تجد في نفسك القدرة على تقبل ظروف لم يخطر على بالك في يوم ما أنك ستمر بها! وأحيانا تجد أنك كي تستمر في العيش مرتاحا تضطر إلى أن تخلق حلا من كل مشكلة أو تبحث عن كوة تتنفس منها كلما أغلقت النوافذ وهنا تتفاجأ بما تملكه من قدرات على شق طرق جديدة وعلى اختراع الأمل. هذا أنت قد لا توصف بأنك ذي ذكاء متقد، إنسان عادي تملك وجها قد لا يتذكره أحد لكنك تعرف كيف تكون سعيدا ومرتاحا. أنت محظوظ!