جميل أن تعتذر الشركة السعودية للكهرباء للمواطنين والمقيمين الذين عانوا من انقطاع الكهرباء مؤخراً في هذا الصيف، وأن تُعبر، "عن أسفها الشديد لما حدث لأسباب وظروف خارجة عن إرادتها ". ربما للتكفير عن اللهجة الحادة التي تعامل بها نائب شركة الكهرباء للقطاع الغربي عندما وضع اللوم علي المستهلكين في زيادة الأحمال بنسبة 9%، رافضاً تحمل شركة الكهرباء أي تعويضات، وذلك رداً على شكاوى عديدة من انقطاع التيار الكهربائي المتكرر طوال شهر رمضان وقبله وسط درجة حرارة تصل إلى أكثر من 45 درجة مئوية؛ ممّا أدّى إلى إضرار بالمرضى، والمواد الغذائية، والأجهزة الكهربائية. *** وقد وصلت ردود فعل الناس على حالة التدهور في تقديم الخدمة الكهربائية إلى درجة التهكم وإطلاق الطُّرف والنكات. وقد جاءت حلقة (من طفى النور) ضمن سياق مسلسل "كلام الناس" في القناة الأولى في التليفزيون السعودي، بطرح مفاجئ تماما للناس عندما تساءل بطل الحلقة: "لماذا لا يدفع كبار الشخصيات فواتير استخدامهم للكهرباء وهم القادرون على الدفع أصلا في الوقت الذي تقطع عن البقية". وهو تساؤل سبق وأن أثاره الأستاذ جميل فارسي في رسالة لرئيس مجلس إدارة شركة الكهرباء حول مديونية "كبار الشخصيات" وبعض المراكز التجارية والسكنية بمبالغ طائلة تتجاوز قيمتها العقل والمنطق؟! وذلك في مقال بعنوان: "كبار ؟ كبار على حسابنا .؟" بجريدة المدينة في 17/02/2008. *** لقد حددت شركة الكهرباء السعودية أربعة مرتكزات عامة تعمل الشركة على أساسها كإطار لإعداد الخطط التشغيلية والرأسمالية القصيرة وطويلة المدى على رأسها "العمل على تحسين الخدمة المقدمة للعملاء وكسب رضاهم"، و"المحافظة على إمداد طاقة كهربائية موثوقة". ولا يمكن تقييم عمل الشركة إلا بمناقشة مدى نجاحها في تحقيق هذه المرتكزات الأربعة السابقة. وسنترك هذا الأمر للباحثين المتخصصين في هذا الحقل. لكننا نؤكد هنا أن الشركة نفسها اعترفت بتقصيرها وأرجعته في بيانها إلى مشاكل فنية، ولأسباب متعددة أخرى. *** يبقي القول أخيراً أن تقييم شركة الكهرباء لا يستقيم دون تقييم مسلك المواطن في مجال الكهرباء. "فالزائد أخو الناقص"، كما يقول المثل الشعبي. لذا فمهما بلغت الشكوى من رداءة الخدمة الكهربائية فإن إعلان الشّركة السّعودية للكهرباء أنّ المملكة تستهلك من الكهرباء صيفًا ما يعادل استهلاك 14 دولة عربيّة - إذا كان صحيحاً - هو إسراف يستوجب أن يُعالج بجدية. ومهما بلغ توسع شركة الكهرباء وزيادة قدراتها الإنتاجية في المستقبل فإن ذلك ليس رخصة للإسراف. روى أحمد في مسنده من حديث عبدالله بن عمرو أن رسول الله مر بسعد وهو يتوضأ فقال لا تسرف فقال يا رسول الله أو في الماء إسراف قال نعم وإن كنت على نهر جارٍ. o نافذة صغيرة: [إن ترشيد الاستهلاك ليس دعابة كما يتصور بعض الفنانين من رسامي الكاريكاتير في صحفنا، وليس شعارا فارغا، وليس تبريرا للفشل - ولكنه أمر ضروري لن يتحقق إصلاح جذري دونه. إنني لا أستطيع الوصول إلى خدمة فعالة منتظمة، وكل مواطن يتصرف كما لو كانت الكهرباء تباع بلا ثمن، وتوجد بلا حدود، وتتوفر إلى ما لا نهاية.] غازي القصيبي [email protected] [email protected]