عزا الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للكهرباء المهندس علي البراك معظم انقطاعات التيار الكهربائي التي حدثت هذا العام إلى شبكات التوزيع، مضيفاً أن الشركة تعاني عجزاً مالياً وتحتاج إلى 300 بليون ريال لبناء شبكات خلال الأعوام المقبلة. ووعد بأن يكون المقبل أفضل في مجال تقديم الخدمة الكهربائية، لكنه لم يستبعد تكرار الانقطاعات خلاله، لافتاً إلى أن الشهر المقبل سيشهد تشغيل عملية الربط الكهربائي بين 95 في المئة من مساحة المملكة، وهو ما سيحقق فوائد منها تلافي انقطاع التيار. وذكر في حوار مع «الحياة» أن أقصى مدة لإعادة التيار هو 4 ساعات من انقطاعه، ويجرى تأمين احتياطات أخرى في حال تخطى ذلك الوقت. وحمّل بعض المواطنين جزءاً من المسؤولية عن الانقطاعات، لأنهم يشترون أجهزة تكييف صينية رديئة تؤدي إلى زيادة الأحمال، مضيفاً أن غالبية المباني في جنوبالرياض غير معزولة حرارياً، وهو ما يؤدي إلى انقطاع التيار عند ازدياد الاستهلاك. وأكد أن هيئة تنظيم الكهرباء لم تعاقب الشركة أبداً جراء شكاوى مواطنين من انقطاع الخدمة، عازياً ذلك إلى التزام الشركة بمعايير عالمية، لكنه ذكر في الوقت ذاته أن الشركة عوضت مواطنين خلال الشهرين الماضيين قبل أن يتقدموا بشكاوى بسبب أخطاء لم يحددها. واعتبر أن ما يطرح في وسائل الإعلام عن انقطاعات الكهرباء أمراً مبالغاً فيه، وأن مشتركين يتجهون إلى الصحف قبل أن يتجهوا إلى الشركة لتقديم الشكوى، مشيراً إلى الانقطاعات تحدث في أي مكان في العالم بسبب رفع الأحمال ودرجة الحرارة. وحمّل البراك أمانات المناطق مسؤولية النمو غير المنتظم في المملكة والتحدي الذي تعانيه الشركة جراء ذلك. وأبدى عدم رضاه عن الخدمة التي بدأت الشركة تقديمها منذ 9 أعوام. وفي ما يأتي نص الحوار: في البداية... كيف تنظرون إلى تجربة السعودية في صناعة الكهرباء، ومن ناحية الجودة المقدمة حالياً؟ - الحقيقة أن السعودية مرت بمراحل عدة في موضوع صناعة الكهرباء بدأت قطاعاً خاصاً، مبادرةً وإدارةً وتمويلاً من الشركات الخاصة وكانت تبيع الكهرباء بكلفة جيدة، وبعد أن بدأت خطط التنمية رأت الدولة ضرورة خفض أسعار الكهرباء للمواطنين وتوحيدها على مستوى المملكة ودعم شركات الكهرباء واستمر ذلك أعواماً قليلة إلى حين اتضح صعوبة السيطرة على هذه الشركات التي تتجاوز 60 شركة مساهمة في ذلك الوقت، واتجهت الدولة فيما بعد إلى تكوين الشركات الموحدة، وهي البداية الحقيقية لصناعة الكهرباء في السعودية بأربع شركات، وتأسست بعدها صناعة الكهرباء في المملكة في التسعينات من القرن الهجري الماضي. هل يعتبر توزيع خدمة الكهرباء في مناطق المملكة عادلاً جغرافياً؟ - في بداية إطلاق الخدمة لم يكن عادلاً، وهذا السبب الذي دعا إلى إعادة هيكلة الكهرباء من جديد، إذ كان في المنطقة الشرقية جيداً، وفي الوسطى متوازناً، وفي الغربية أقل، فيما كان وضع المنطقة الجنوبية سيئاً إلى عام 1399 ه، واتضح وجود إشكالات فيما بعد تستدعي التطوير، ومرت 20 عاماً تقريباً ولم تحصل عمليات للربط بين المناطق السعودية، وجاء تكوين شركة الكهرباء التي بدأت عملها فعلياً عام 2001، وهو العام الذي شهد إعادة الهيكلة من جديد، وبالتالي التحول الكبير في طريقة الخدمة الكهربائية. ما مدى رضاكم على الخدمة المقدمة منذ تأسيس الشركة السعودية للكهرباء؟ - ما بنته الشركة من منشآت في 9 أعوام أكثر مما بنته الشركات الموحدة سابقاً في عشرات الأعوام، والشركة نقلت الخدمة إلى جميع مواقع المملكة ووضعت أنظمة جديدة بدلاً من القديمة التي كانت متهالكة وركّبت أنظمة تحكُّم حديثة، كما أن قرى بالآلاف كانت محرومة من الكهرباء لكن الشركة نجحت في تغطية 99 في المئة من مساحة السعودية بخدمة الكهرباء كما تمت مضاعفة خدمات قدرات التوليد الموجودة، وسيشهد الشهر المقبل تشغيل عملية الربط الكهربائي بين مناطق المملكة وأكثر من 95 في المئة من مساحة المملكة ستكون مترابطة كهربائياً. ألا تخشون بعد عملية الربط التأثر بانقطاع الكهرباء؟ - الربط له فوائد إذا وُضِع بشكل سليم، ولا يؤدي إلى الانقطاع وإنما يتلافى ذلك. بعد مرور 9 أعوام على إعادة هيكلة الكهرباء في المملكة... هل أنتم راضون على الخدمة المقدمة؟ - أبداً لسنا راضين على ذلك، والشركة واجهت تحديات عدة، وأكبر تحدٍ كان عملية النمو الكبير في الطلب ومسايرة الطلب على الكهرباء في المنشآت الجديدة بمختلف توجهاتها، إلى جانب وجود معدات وشبكات مستهلكة وتحتاج إلى استبدال لتكون الخدمة بحجم الطموح، وكان للشركة خياران: الأول أن تستثمر مواردها المتاحة في تجديد الشبكات وتعزيزها وتقديم الخدمة وتلافي الانقطاع وتترك المنشآت الجديدة إلى أن يتوافر لديها إمكانات، والخيار الثاني أن تلبي الطلبات الجديدة على أن تستبدل الشبكات مع الوقت وتتحمل المتاعب. ما تعليقك على من يصف الخدمة المقدمة بأنها سيئة؟ - يوجد معايير عالمية لتقديم الخدمة في قطاع الكهرباء في مختلف الدول، والشركة السعودية للكهرباء تطبق المعايير بأكملها والخدمة الموجودة في المملكة بإقرار الأجهزة الرقابية لا تقل عنها في الدول المتقدمة. هيئة تنظيم الكهرباء أعلنت في وقت سابق أنها تعاقب الشركة في حال ورود شكاوى مواطنين يثبتوا تضررهم من انقطاع الخدمة... هل حصل ذلك؟ - لم يحدث ذلك أبداً، لأن الشركة ملتزمة بمعايير الخدمة العالمية التي لديها وعلى ضوء الإمكانات التي لديها. ما الأسباب التي أدت إلى انقطاع الكهرباء في مناطق ومدن المملكة، والتي تسببت في أضرار للمستفيدين وفق ما تنشره وسائل الإعلام؟ - معظم انقطاعات التيار الكهربائي التي حدثت هذا العام سببها شبكات التوزيع وما كانت الشركة تطمح إليه وركزت عليه هو تعزيز محطات التوليد وبنائها بشكل قوي، وهذا ما حصل الآن، ونؤكد أننا لا نستبعد انقطاع الكهرباء ولم يسبق أن خرج مسؤول من الكهرباء للصحافة وأعلن أن الكهرباء لن تنقطع، بل أعلنا أن الشركة لن تقطع الكهرباء، لأن الاستثمارات التي وضعتها تضمن وجود توليد كافٍ للأحمال المتوقعة، وفي الحقيقة فإن ما يطرح في وسائل الإعلام عن انقطاعات الكهرباء أمر مبالغ فيه. ومن دون شك فهدفنا هو أن لا تنقطع الكهرباء ونحن نعمل ولا نسعى إلى تضليل الرأي العام ومستمرون في بناء المشاريع الخدمية، وانقطاع الكهرباء يحصل في كل مكان وفي هذا الصيف حدث الانقطاع في دول أخرى مثل كندا ونيويورك وكذلك واشنطن وبريطانيا بسبب رفع الأحمال ودرجة الحرارة. متى تتوقعون أن تنتهي أزمة شبكات التوزيع؟ - حينما يتوافر لدينا التمويل اللازم كي نستبدل هذه الشبكات، ونتوقع ذلك خلال الأعوام المقبلة، والشركة ليس لديها تمويل مفتوح بل اقترضت وأصدرت صكوكاً بأكثر من 30 بليوناً طوال الأعوام الماضية من أجل بناء منظومة قوية كي نتلافى انقطاع الكهرباء. هل تعاني الشركة من عجز مالي؟ - بلا شك، وأعلن ذلك أكثر من مرة، والسعودية تتطلب من أجل بناء شبكات 300 بليون (ريال) للأعوام المقبلة. دار حديث عن أن الشركة استعانت بخبرات أجنبية لوضع خطط لتلافي الانقطاع... ما صحة ذلك؟ - أبداً، غير صحيح، لأن لدينا الكوادر الوطنية المؤهلة بل نسعى لمد خبراتنا إلى الغير، ونحن نعرف أسباب وحلول هذا الانقطاع. متى ستشهد مناطق المملكة موسماً خالياً من انقطاع الكهرباء؟ - نحتاج إلى استبدال كثير من الشبكات والعام الحالي يعتبر أفضل من السابق والعام المقبل سيكون أفضل، والتحسين سيكون مستمراً، ولدينا ثقة كاملة في أن الدولة والقيادة تدرك أهمية الخدمة لهذا القطاع في حياة الناس، ولا سيما في موسم الصيف، ونعمل جميعاً على تشجيع القطاع الخاص كي يدخل ويشارك في هذه الاستثمارات والوضع الآن ليس سيئاً بل جيداً ونتطلع للأفضل. ما حجم الشكاوى التي تصلكم جراء تعثر إيصال الخدمة للمستفيدين؟ - في الشركة لدينا اهتمام كبير بتلقي الشكاوى والعمل على حلها ورصد كل ما ينشر في وسائل الإعلام، ولكن للأسف يوجد مشتركون يبلغون الصحف قبل إبلاغهم الشركة، وهذا جيد ولا اعتراض عليه، وليس لدينا أي مشكلة أن ينشر أي خلل للشركة في الصحف، والشكاوى كثيرة، ولا سيما في موسم الصيف والشركة لا تقطع الكهرباء على الناس عبثاً أو تتأخر في تحسين الأداء أو تعزيز المولدات وإنما تعمل جاهدة لتأدية الخدمة على أكمل وجه. ماذا عن تعويض المواطنين جراء انقطاع الخدمة؟ - في ما يتعلق بمبدأ تعويض المواطنين في جميع دول العالم، إذا كان الانقطاع خارجاً عن إرادة مقدم الخدمة لا يوجد أي نظام يعوض المتضررين كون الشركة متضررة وكذلك المستفيد من الخدمة، والتعويض يكون في حال كان الخطأ متعمداً من الشركة أو أخطأ موظف وفصل الخدمة عن مواطن، وحدثت أخطاء وقامت الشركة بالتعويض في مدينة الرياض وغيرها من المدن ودفعت له قبل أن يتقدم بالشكوى وحصل ذلك قبل شهرين، وهذا منصوص عليه في اللوائح الداخلية لدينا، أما لو حدثت ظروف جوية أو ارتفعت الأحمال بشكل كبير أو غيرها فلا يكون هناك تعويض لعدم وجود تنظيم لذلك. من يتحمل مسألة الانقطاع؟ - الشركة تتحمل الجزء الأكبر في تحمل المعدات ولكن المواطن عليه جزء آخر وكذلك الاهتمام بالعزل الحراري في المباني الجديدة، ومشكلتنا في جنوبالرياض كثرة المنازل التي لا يوجد فيها عزل حراري. هل تتعهدون بعدم انقطاع الخدمة الكهربائية؟ - نحن نعمل على ذلك ووضعنا البرامج الكافية لتلافي نقاط الضعف الموجودة في المنظومة الكهربائية، لكن ذلك يتطلب تمويلاً ووقتاً كافياً، وبناء محطة توليد يحتاج إلى أربعة أعوام بينما بناء مسكن يحتاج إلى عام أو عامين. والمواطنون يتجهون لأجهزة التكييف الرخيصة وهذا يكلفهم زيادة في الاستهلاك ويضيف عبئاً كبيراً (على الشبكة) ويتسبب في انقطاع الكهرباء وضعف الأحمال، وهذه الأجهزة تردنا من الصين من دون مواصفات جيدة. ماذا عن تطبيق نظام تقديم الخدمة الكهربائية بشرائح مسبقة الدفع؟ - تم دراسته ولدينا 10 شرائح لتقديم الخدمة للمستهلك في المساكن، ولا نزال نبحث هذا الأمور مع جهات أخرى.