رأينا بالأمس كيف بايع ثلاثة وسبعون رجلاً وامرأتان من الاوس والخزرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في منى عند العقبة ليلاً على أن يأووه وينصروه ، فأعقب ذلك إذنُ النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالهجرة إلى يثرب . قال ابن سعد في (طبقاته) راوياً عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : « لما صدر السبعون من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم طابت نفسه ، فجعل الله له منعة وقوماً اهل حرب وعدة ونجدة ، وجعل البلاء يشتد على المسلمين من المشركين لما يعلمون من الخروج ، فضيّقوا على أصحابه ونكلوا بهم ، ونالوا مالم يكونوا ينالون من الشتم والاذى . فشكا ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأستأذنوه في الهجرة ، فقال : « قد أُخبرتُ بدار هجرتكم وهي يثربُ ، فمن أراد الخروج فليخرج إليها « فجعل القوم يتجهزون ويتوافقون ويتواسون ويخرجون ويخفون ذلك ، فكان أول من قدم المدينة من أصحابه صلى الله عليه وسلم أبو سلمة بن عبدالأسد ، ثم قدم بعده عامر بن ربيعة ومعه امرأته ليلى بنت أبي حشمة ، فهي أول ظعينة قدمت المدينة (والظعينة هي المرأة التي تكون في الهودج) . ثم قدم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسالاً فنزلوا على الانصار في دورهم ، فآووهم ونصروهم وواسوهم . « ولم يهاجر أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا متخفياً غير عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فقد روى علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه لما همّ بالهجرة تقلّد سيفه وتنكّب قوسه، وانتضى في يده أسهمًا ، واختصر عنزته (عصاه ) ومضى قبل الكعبة ، والملأ من قريش بفنائها فطاف بالبيت سبعًا متمكنًا مطمئناً ، ثم أتى المقام فصلى ، ثم وقف فقال : « شاهت الوجوه ، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس ، من أراد أن يُكثل أمهُ ، أو يوتم ولده ، أو يرمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي» . . قال علي : فما اتبعه إلا قوم من المستضعفين علمهم ما أرشدهم ثم مضى لوجهه « وهكذا تتابع المسلمون في الهجرة إلى المدينة حتى لم يبق بمكة منهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبو بكر ، وعلي ، أو معذب محبوس ، أو مريض ، أو عاجز عن الخروج . السؤال السادس عشر: من اول من قدم المدينة مهاجرا من الصحابة رضوان الله عليهم ؟ 1 – علي بن ابي طالب. 2 – عمر بن الخطاب . 3 – أبو سلمة بن عبدالأسد .