تشتعل حُمَّى المسلسلات الدرامية في هذا الشهر الفضيل، وتشتعل معها ساحة الإعلانات التجارية، التي تشكل الأساس لكل ما يمكن أن نراه ونشاهده؛ وفي شهرنا هذا وضح للمشاهد حجم التنافس العائلي بين كبار الفنانين المصريين بوجه عام، كما وضح في المقابل مدى الجهد النوعي الذي ظهرت به بعض المسلسلات الدرامية؛ لكن وعلى الرغم من كل ذلك، أجزم أن أحدًا لن يمكنه الإلمام بكثير من المسلسلات المعروضة، حتى لو فرَّغ ذاته وتسمَّر أمام الشاشة، وهو ما يستدعي العمل على اصطفاء القليل من المعروض لمتابعته وقت الفراغ، وكنت أحد أولئك حتمًا، على أني كنت قد حَسمتُ أمري مُبكرًا بمتابعة نجمي المفضل الفنان المبدع يحيى الفخراني، الذي أمتعنا هذه السنة بحكاية الخواجة عبدالقادر. تلك الحكاية البسيطة التي تشرح قصة مهندس بريطاني في القرن الماضي، بلغ به الاكتئاب والسَّأم درجة عالية جعلته يهوى قتل نفسه، خاصة من بعد خيانة زوجته، وموت شقيقه، وزوج أخته اللذين كان يحبهما، وحين فشل في تحقيق أمنيته وهي الموت، وجد في العرض المُقدّم له للانتقال إلى السودان، حيث صعوبة العيش، وسخونة الجو، فرصة لتحقيق أمنيته الغالية. هنا تبدأ الحكاية التي أراد كاتبها ومخرجها وبطلها أن يُبرزوها للمتابع، إنها حكاية البحث عن السعادة، التي يمكن بلوغها حين الإيمان بأن: الرضا بالنفس، والقنوع بما أراد الله، وتعلق القلب بأحكام المحبة، والخلوص من سوء الظن، بأنها وغيرها من أدوات بلوغ حالة الاطمئنان النفسي، الموجبة للسرور والانشراح، وفي حينه ستصفو النفس، ويسهل معرفتها طريق اليقين، والسكون إلى الله الخالق البارئ المصور. في تلك الحكاية تحَوَّل حال السيد هربرت الراغب في تحقيق أمنيته الوحيدة وهي الموت، الغارق في سكره وتيهه، إلى إنسان جديد، مليء جسمه بالحيوية والنشاط، مُشع قلبه بالمحبة والصفاء، من بعد اتصاله بالشيخ عبدالقادر، الذي أدخل إلى قلبه السرور، ومَكَّنه من بلوغ أول طريق اليقين، فاطمأنت نفس صاحبنا، وأعلن إسلامه، وتسمّى باسم شيخه، ليصبح اسمه الخواجة عبدالقادر، ويبدأ مشوارًا جديدًا لكن بنفس وروح جديدين. في هذه الحكاية تبرز قيمة المحبة في الإسلام بأسلوب هادئ مُمتع، ويبرز الدور الحقيقي لأهل الله، الذين تُشعُّ قلوبهم بالنور، لينعكس ذلك على مُحيطهم الحاضر والغائب، فيُسهموا في تربية مجتمعاتهم تربية نقية خالية من الشوائب، للوصول إلى غاية السلام المرجوة، الذي تكتمل به ومعه شخصية المسلم، وصدق نبينا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم حين قال: «المسلم مَن سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده». [email protected]