فرحتنا برمضان ككل أفراحنا ، نعبر عنها بمبدأ : على قدر أهل الفرح تأتي العزائم ، و عزائمنا ليست عزائم المتنبي و العياذ بالله ، و العزائم عندنا هي الولائم و الحفلات و الموائد الممتدة بقدر فرحتنا و كرمنا و قدرتنا و ( في سركم هياطنا ) ، يقول واحدنا أن الناس على طرف مائدته يستخدمون جواز السفر لأنها تخطت الحدود ، و يقول آخر أنه يتصل بالناس في الطرف الآخر من المائدة مستخدما الصفر الدولي ، عموما لا تنكروا أننا فرحنا برمضان ، فرحنا كثيرا ، لدرجة أننا شعرنا منذ شهر أن مجاعة رمضان اقتربت و أنه لزاما علينا الجري قبل أن يسبقنا أحد لمتاجر المؤن ، لجمعها و تخزينها ، إلى أن تشعر الثلاجة بالتخمة فلا تستطيع غلق بابها ، إلى أن تنحني أرفف الخزائن مستثقلة حملها ، إلى أن نشعر أننا سنشبع إلى آخر لحظة في رمضان ، إلى أن يشعر رمضان بأننا نحبه كثيرا و نقيم حفلة يوميا طيلة شهر رمضان احتفاء بصيامنا ، فنمد السفرة العامرة حتى لا نحصي عدد الأصناف و لا تطال أيدينا كل طبق ، و حتى نستلقي ساعة بعد الإفطار لتستوعب أجسادنا ما نحشوها به من و اللحوم و الخضار و العصائر و المقليات و الشوربات المعجنات وكل ما هو آت آت . و لا يهم أن يمضي الشهر و الرجال يجاهدون لجمع المؤن و النساء معتكفات في المطبخ المهم أن نحتفل برمضان فنحن نحبه كثيرا لدرجة أننا في خضم حفلاته لا نكاد نسمع قول المصطفى عليه الصلاة و السلام : ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطن ، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه ، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه» و لا نتذكر و نحن أمام الموائد العامرة إلا أننا مساكين صائمون منذ الفجر و أن النهار طويل و الحر شديد و الإفطار عبادة هو الآخر . و تدعم حفلاتنا آلة إعلامية جبارة تتنافس منذ الصباح حتى موعد الإفطار ببرامج الطبخ و تقديم اقتراحات لتجديد الأطباق و تنويعها ، حتى إذا فار التنور و استوينا على الأرائك لا نكاد نتنفس لا يعود بمقدورنا القيام و التهجد فبالكاد تقبض أيدينا على جهاز التحكم و نقلب برامج الإفطار المسائية و الفوازير البديعة و المسلسلات الخليعة و المسابقات الفارغة. حقا أهلا رمضان . [email protected]