سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
إعلام تحت التمرين ليس النظام السياسى وحده ما يمخر عباب مرحلة مضطربة ، الإعلام أيضاً فى مرحلة انتقالية مشوشة ، تشظى فيها الى إعلامات ، قضت على النزر اليسير من المهنية الذى كان متاحاً
من حسنات انتفاضة يناير المصرية القضاء على إعلام الرأى الواحد والصوت الواحد ، مثل هذا الإعلام بالضرورة غير أمين فى عرضه ، وكابتٌ للطبيعة الإنسانية ، فلو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة على قلب ورأي رجل واحد . هذا لا يعنى أن الإعلامات (صيغة الجمع) فى مصر الآن على ما يرام ومستحسنة ، هى فقط قابلة للتحسن ، فليس النظام السياسى وحده ما يمخر عباب مرحلة مضطربة ، الإعلام أيضاً فى مرحلة انتقالية مشوشة ، تشظى فيها الى إعلامات ، قضت على النزر اليسير من المهنية الذى كان متاحاً . أصح معايير المهنية وأبسطها أن تفترض أن المتلقى موجود ، وموقف الإعلام الواحد قبل الانتفاضة أن المتلقى موجود ويمكن تجاهله بلا ضرر ! ، لأنه لن يسمح لأحد بالاعتراض أو التصحيح ، وتلك أجواء وفرت حدا أدنى (جد ضئيل) لكبح جماح همجية الخطاب ، وربما أكتب فيما بعد عن كيف يكون الخطاب همجياً . أما الإعلامات الحالية فليس للمتلقى موقع فى حساباتها ، ولا تخاطبه ! ، وعنايتها بجهتين لا ثالث لهما ، إعلام القوى المنافسة ، ثم إرضاء مموليها وأصحاب رخصها الإعلامية ، الذين ضاعت فلوسهم هباء ، فمثل هذا الأداء المتردى لا ينفع مموليه ولا يضر خصومه . اليك مثالا بموقف إعلام التيار العلمانى من زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلنتون للقاهرة .. سأسألك سؤالا : لو افترضنا تقاربا وتفاهما بين الولاياتالمتحدة وأحد التيارين الدينى أو العلمانى فى مصر ، فأي منهما ترجح أن يكون صديقها ؟ . بالطبع ليس محتماً أن يكون أي منهما كذلك ، السؤال فقط من الأكثر معقولية أن يكون . إذا اعتمدت البداهة ، والبداهة فى أغلب الأحيان صائبة ، ستجيب بأنه التيار العلماني . مع ذلك صب التيار جام غضبه على تلك الزيارة لأسباب غير حقيقية ولا موضوعية ، كلها مناورات والتفافات ساذجة ومستهلكة ، من ذلك إنها تدخل خارجى فى شؤون داخلية ، وأن واشنطن ساندت صعود الإخوان منذ البداية ! ، وان الزيارة بغرض تقديم الدعم المعنوي لهم فى خلافهم مع المجلس العسكرى (الحمد لله إنهم لم يقولوا الدعم المادى) ، وأن مسز كلنتون سعت الى بث بذور الطائفية بين أبناء الشعب الواحد (لإنها اقترحت اجتماعا بممثلى المسيحيين فى لقاء منفصل !) ، وأن أمريكا لا تهتم إلا بأمن إسرائيل ، والزيارة لغرض التوثق من توجهات الرئيس الجديد فيما يخص الالتزام بمعاهدة السلام . ولستَ بحاجة لأن أنبهك أن الذريعة الأخيرة اكليشية مكرر يستعمله كل من له موضوع مع الولاياتالمتحدة ، نعم هى مهتمة بأمن إسرائيل ، لكن لا علاقة للزيارة بذلك . هل تود معرفة السبب الحقيقى لثورتهم على واشنطن ؟ .. سأخبرك به فى إطاره الأشمل الذى يتجاوزالزيارة والإحتجاجات المفتعلة (غير العفوية) التى تخللتها ، إطار موقف واشنطن من التحولات فى مصر ودول أخرى مثل تونس وليبيا ، وقبلهم تركيا ، فى المقال التالى إن كان لنا عُمر .