بيت لحم مدينة فلسطينية عريقة ، وكانت تسمى زمن الكنعانيين (أفراته) . وقد اكتسبت شهرتها باعتبارها المدينة التي ولد فيها السيد المسيح عليه السلام . وعندما دخلها الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يصلّ في كنيستها (كنيسة المهد) ، ولكنه صلى في موضع قريب منها ، سمي بعد ذلك باسم حنية عمر .وقد دخلت بيت لحم مرحلة جديدة في تاريخها العريق أمس الأول (الجمعة) بصدور قرار اليونسكو إدراج كنيستها الكبرى (كنيسة المهد) التي تعتبر أقدم كنيسة في العالم ، على قائمة التراث العالمي بأغلبية 13 صوتاً من أصل 21 مقابل ستة أصوات معارضة وامتناع اثنين عن التصويت وبما يعتبر أول ثمرة من ثمار قبول فلسطين في عضوية منظمة اليونسكو في أكتوبر الماضي . أهمية تلك الخطوة تكمن في توثيق هذا الأثر العريق باعتباره أثرًا عربيا فلسطينيًا ، واعتباره معلما من معالم التراث العالمي وما يتيحه ذلك من التمتع بحماية اليونسكو ، وحيث لم يعد خافيًا أن قوات الاحتلال الإسرائيلي لم تستثن الأماكن المسيحية المقدسة من اعتداءاتها ، فقد تعرضت كنيسة المهد نفسها لاعتداءين كبيرين أحدهما عام 1971، والآخر عام 1977. كما لا ننسى الحصار الإسرائيلي على الكنيسة في أوائل أبريل 2002 واستمراره على مدى 40 يومًا كانت مدينة بيت لحم وقتها تعيش تحت الحصار ضمن حملة السور الواقي التي أطلقها السفاح 'أرئيل شارون حينذاك ،عندما تقدم ما يزيد عن مائتي فلسطيني ما بين مقاتلين ومواطنين ، ورهبان من المسيحيين، لم يكن أمامهم غير الكنيسة ليحتموا بها. ما يدعو إلى الاستغراب في أول رد فعل دولي على القرار إعراب الولاياتالمتحدةالأمريكية عن خيبة أملها من إدراج الكنيسة على لائحة التراث العالمي . فهكذا قرار ليس له أي علاقة من قريب أو بعيد بأمن إسرائيل ، كونه شأنا فلسطينيا محضا يتعلق بمدينة فلسطينية وأثر فلسطيني عربي داخل الأراضي الفلسطينيةالمحتلة في حرب يونيو 67. لكن سرعان ما يزول هذا الاستغراب إذا عدنا بذاكرتنا إلى شهر أكتوبر الماضي عندما كان رد فعل واشنطن على قبول اليونسكو فلسطين عضوًا فيها وقف مساهمتها للمنظمة التي تشكل ربع ميزانيتها. لا شك أن اليونسكو انتصرت مرة أخرى للتراث الفلسطيني الذي يعتبر مكونا أساسا من مكونات عروبة فلسطين، ويبقى هنالك خطوات أخرى هامة أمام السلطة الفلسطينية قيد الانتظار أهمها الطلب من اليونسكو وضع المقدسات الإسلامية في القدس ضمن قائمة التراث العالمي.