يبدو من الصعب التكهن بأن مؤتمر جنيف الدولي حول سوريا يمكن أن ينجح في زحزحة الموقف في اتجاه حل أزمتها المتفاقمة منذ فبراير الماضي بسبب تخاذل المجتمع الدولي عن اتخاذ إجراءات حاسمة لوقف نزيف الدم السوري وسقوط عشرات الضحايا بشكل يومي على يد رأس النظام الطاغية بشار الأسد. أسباب ذلك كثيرة، لعل أهمها التباين الكبير في المواقف لدى كثير من الدول المشاركة في المؤتمر، إلى جانب أن روسيا التي تعتبر الداعي الأكبر للمؤتمر لا تكف عن إرسال رسائل غامضة تعكس العديد من التناقضات في مواقفها، حيث أصبح من الصعب الوقوف على موقف محدد لها، بالرغم من تمسكها بخطة عنان التي تنص بوضوح على آلية حل توافقت حوله كافة الأطراف الدولية بما في ذلك الرئيس الأسد. يمكن أن نضيف إلى ذلك رفض المعارضة السورية والجيش السوري الحر مقترح المبعوث الدولي كوفي عنان القاضي بتشكيل حكومة إنقاذ وطنية انتقالية تضم أنصار الرئيس الأسد وأعضاء من المعارضة باعتباره المحور الذي يرتكز عليه المؤتمر. فإذا أضفنا إلى ذلك موقف الرئيس الأسد الرافض بالطبع لأي محاولة لإزاحته عن الحكم ، فإن كافة تلك العوامل كافية لإرسال مؤشرات واضحة بعدم إمكانية نجاح المؤتمر في التوصل إلى حل للأزمة، خاصة في ظل غياب المملكة عن المؤتمر، حيث أصبح من المعروف أن الدور السعودي أساسي في حل أي أزمة تواجهها المنطقة، وأكبر دليل على ذلك الأزمة اليمنية. كان المؤمل أن تغير موسكو موقفها المتمثل في الانحياز السافر إلى جانب النظام السوري مع عودة بوتين إلى الكرملين، لكن الرئيس الروسي أعلن بصراحة ووضوح منذ الوهلة الأولى لتسلم منصبه أنه يقف إلى جانب نظام الأسد، ولم يكتف بالقول فقط، بل أقرن هذا القول بجسر بحري من المساعدات العسكرية، وعلى الأخص الطائرات الحربية المروحية التي أصبحت السلاح المفضل للنظام لقصف المدن السورية. يمكن القول استنادًا إلى هذه المعطيات بفشل الجهود السياسية على مدى الستة عشر شهرًا الماضية وحتى مؤتمر جنيف الدولي، وإنه ما لم يتحقق فك الارتباط الروسي بنظام الأسد فإنه لن يكون هنالك مفر من الحل الجراحي.