هناك لحظة في تاريخ كل أمة من الصعب أن تتجاوزها أو تنساها بسهولة، ولحظة انتقال سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله إلى الدار الآخرة من تلك اللحظات التي تسجُّلها بلادنا بحبر الحزن ومداد الأسى، الذي لا نملك أمامه إلا قول ربنا عز وجل(إنا لله وإنا إليه راجعون) أو قول نبينا صلى الله عليه وسلم وبارك:"لله ما أعطى ولله ما أخذ".. لقد كُتب الكثيرُ عن الراحل العزيز وسيُكتب الكثير أيضاً وما ذاك إلا لآثاره الطيبة وأفعاله المباركة التي شملت البلاد والعباد. وأعتقد - والله أعلم - أن ليس هناك رب اسرة إلا وله قصة مع هذا الأمير تدل على عطائه وكرمه وحُسْن أخلاقه.. ومن عجائب الصُّدف أن ورقة التقويم للتاريخ هذا اليوم - أعني رحيل الفقيد الغالي - كُتب في أسفلها عبارة "أمن الوطن مسؤولية الجميع" وكأن هذه آخر وصايا رجل الأمن الأول لنا.. لقد تميَّز الأمير نايف - وأشهد الله بأني شهدت هذا الأمر بعيني - لقد تميز بطولة البال وحُسْن الاستماع وإعطاء صاحب الشكوى الفُرصة الكاملة ليقول ما عنده وليس أدل على نباهته وذكائه من أن المؤسس رحمه الله ولاه منصباً وهو في حداثة سنه لما لمسه من نبوغٍ مبكرٍ وذكاءٍ متوقد.. وحتى نخصص العام سأذكر تجربتي القصيرة مع سموه رحمه الله ففي حدود عام 2004م أراد صديقي ومديري في العمل آنذاك الإعلامي الدكتور سعود المصيبيح أن يذهب لرحلة علاجية خارج المملكة فاستأذن سموه فقال الأمير نايف:اذهب ومعك التوفيق ولكن من سيكون مكانك في تولي صياغة الأخبار التي تخص الوزارة، فقال الدكتور سعود:إنه موظفكم أحمد العرفج، فقال سمو الأمير عسى أحمد يجيد الإنجليزية؟ فقال الدكتور: نحن نحضره الآن لبعثة لدراسة الدكتوراة، فقال:بالتوفيق.. بعد ذلك سافر الدكتور فأخذتُ أصيغ أخبار الوزارة لمدة شهرين وكلما أعددتُ خبراً عرضته على سموه فكان رحمه الله يوجهني ويصوُّبني في بعض الصيغ التي تغيب عن ذهني.. ولا يتسع المجال في هذا المقال لضرب المثال..حسناً ماذا بقي: بقي القولُ رحم الله أميرنا ووالدنا النايف نايف بن عبدالعزيز فقد كان يعاملنا كأننا أبناؤه والله على ما أقول شهيد. ومع الحزن الكبير أن هذا الأمير النبيل الذي دعمني لدراسة الإنجليزية للحصول على الدكتوراة يموت في اليوم الذي أتخرج فيه بشكل رسمي من الدكتوراة وكم كانت أمنيتي أن احضر الشهادة واقول له: يا والدي العزيز.. هذا غرسك يأتي بحصاده.. رحم الله الأمير وأسكنه فسيح جناته.. ذلك الأمير المتواضع الذي حفظنا عنه مئات العبارات التي تدل على الاخلاص والتفاني في العمل. ويكفينا مقولته التي يجب ان تكون شعاراً لكل موظف وهي:"نحن أُجراء عند المواطن". تويتر: Arfaj1 [email protected]