من أكبر المشكلات التي تواجه الفرد والمجتمع والدول، مشكلة مهارات الاتصال. وما يعرف بالتواصل. فكم نشأت بسببها مشكلات بين الأجيال والشعوب والحضارات. هذا موضوع طويل عريض عميق، لا يمكن اختصاره في مقال مكتوب لصحيفة من أجل أن يقرأه قارئ عَجِلْ. إلا أنني سأعرض جانبًا واحدًا لأهميته، هو فجوة تواصل الأجيال في مجتمعنا. هي فجوة كبيرة لا تزال تتسع، وسوف تتفاقم إذا لم يكن عندنا الفكر والوسيلة لردمها، أو على أقل تقدير تضييقها. إنها أكبر من الفجوة التي كانت في ماضينا بين المتعلم والأميّ. لأن هيمنة المتعلم كانت كافية لانقياد الأمي للفضاءات الوسيعة للمعرفة. سواء كان ذلك بقناعته الشخصية، أو بعدم قدرته على اختيار البدائل المتاحة له، أو لأن تلك البدائل غير متاحة أصلًا في مجتمع نامٍ كان في ذروة النشاط للحاق بالأمم المتطورة. ومهما كان علمنا بفجوة التواصل هذه أو جهلنا بها، إلا أنها موجودة مؤثرة وذات تهديد كبير لنسيج المجتمع. ولأن كثيرين يريدون تحاشيها أو تجاهلها، إلا أنها مشكلة المشكلات إذا لم نواجهها. والمدهش حقًا أنها رغم تعقيداتها، تذهل بساطة تكوينها. ويمكننا اختصارها على إنها مشكلة لغة. فنرى الأجيال الكبيرة سنًا لها لغتها التي توارثتها من آبائها وأضافت إليها. والأجيال الصغيرة سنًا كذلك توارثت من آبائها ولكن بشكل أقل، وأضافت بشكل كبير. فكثيرًا ما نرى من الشباب من لا يعرف مفردات آبائه، كما نرى الكبار لا يفهمون مصطلحات أبنائهم التي شكلتها التقانة وتغيّرات المجتمع ووسائل الاتصال. فأصبحا كأنما أحدهما يتكلم الإنجليزية والآخر العربية! فإذا لم تكن بين الأجيال لغة مشتركة مفهومة، فستنهار الأواصر المعرفية والاجتماعية والإنسانية. Twitter: @mamashat / [email protected] [email protected]