أعتقد أنّ اشتراط جهاتِنا تقديم طلبات الوظائف إليها بواسطة مواقعها الإلكترونية -فقط- هو أمر سلبي لا إيجابي، وهاكُم الدليل: رغم أنّ التقديم الإلكتروني ميْكنة حضارية، وقد أراحنا كثيرًا من المشاهد المزعجة لازدحام طالبي الوظائف، ممّن يلبسون الشماغ الأحمر، أو يرتدين العباءات السوداء، في الشارع، أمام بوّابات الجهات، مع ملفّاتهم العلاّقي الخضراء، إلاّ أنه لا يُظْهِر حجم البطالة الفعلي لمسؤولي العمل في الدولة بقدر ما يُظْهِره للجهات نفسها، وهناك قاعدة اقتصادية تقول إنّ المشكلة التي لا تظهر لأصحاب القرار بحجمها الفعلي لا تُعالَج بالقدر اللازم!. كما أنّ التقديم الإلكتروني، ورغم سهولته، لم يُغْنِنا، ولم يُسْمِننا من جوعٍ إلى الوظائف، هذا ما يُشير إليه الحال، وهو يُشبه قشر البيض، يسهل اختراقه، ولكن لا يُستفاد منه إن لم يكن البيض داخله سليمًا، والسلامة هنا تعني كفاية الوظائف التي يُقدّم لها، فلا نرى ألوفًا يُقدِّمون، ثمّ لا يُقبَل منهم إلاّ بضعة نفر، كما تعني ضمان الحياد البشري بعدم تدخل فيتامين (واو) الذي يجعل بعض الجهات تُوظّف بمزاجها مَن تُريد، حتى لو لم يُقدّموا طلبات أصلاً، إلكترونية، أو ورقية، أو تفضيل الجهات لغير السعوديين، ومحاربتها لبرنامج نطاقات الطموح لسعودة الوظائف!. ثمّ إنّ جهاتنا تصرف مئات الملايين من الريالات سنويًّا على مواقع التقديم الإلكترونية، ومع عدم حلّ مشكلة البطالة تُصبح الملايين في حُكْم المُهْدَرة، ولو صُرِفت على استحداث وظائف لكان أفضل، فبماذا تُفيدنا ميْكنة التقديم إذا استمرّت البطالة هكذا؟ ألم يأنِ لنا أن نُدْرِك أنّ ما داخل البيض أهمّ من قِشْرِه؟. @T_algashgari [email protected]