تساءل الدكتور مصطفي محمود -رحمه الله- في كتابه (قراءة للمستقبل) الذي صدر من دار أخبار اليوم عام 1997، أين العرب والمسلمون من التحديات الكبرى التي تواجههم. ومما يحاك لهم في الظلام؟! ورأى أن هناك التقاء بين المعسكر الشرقي والمعسكر الغربي، بعد انتهاء الشيوعية واندثارها، ليتفرغ الاثنان لعدوٍ جديد مُشترك هو الإسلام! وأما الأداة التي اعتمدها هؤلاء فهي إسرائيل التي جمعتها المصلحة والهوى والأطماع.. للوصول إلى هدفهم المشترك وهو ضرب الإسلام. ورأى الدكتور مصطفي محمود أن "الغرب المسيحي يصنع من إسرائيل عربة ملغومة يفجرها في وجه الدول العربية. حرب صليبية ثانية يُبيّت لها.. هذه المرة بأيدٍ إسرائيلية وتجهيز غربي". وبعد استعراضه الأحداث.. و"المؤامرات" التي تحدث هنا وهناك في عالمنا العربي تساءل د. مصطفي محمود: "هل اقتنع الإخوة العرب أن المليارات التي وضعوها في البنوك الأمريكية قد أخطأت مكانها.. وأنها سوف تُصبح حربًا عليهم.. ودبابات وصواريخ تهدم بيوتهم وتقتل أولادهم"؟! وتوقع الدكتور مصطفي محمود "أن إسرائيل والعرب لن يُصبح أمامهما سوى حل واحد هو أن يزيح أحدهما الآخر ليعيش، ولا يعود هناك مفر أو مخرج من صدام مُسلح وحرب محتومة.. حرب يقف وراءها وتمدها أكبر ترسانتين للسلاح لضرب خطر مزعوم اسمه الإسلام". وأنهى الدكتور مصطفى محمود تساؤلاته بتساؤل جديد سأل فيه: "أين نحن من كل هذا.. وهل صحونا من النوم أم مازلنا نفرك أجفاننا، وهل نرى غدًا انتفاضة الكبار.. وهي انتفاضة أن نجلس معًا جلسة رجال لنكون جبهة سياسية واحدة، وتكاملًا اقتصاديًا وسوقًا عربية مشتركة، تتحول فيها المليارات الزائدة في البنوك إلى همة وإنما ورخاء وبمعدات تواجه التهديد بتهديد مثله، وتقرع بالحديد والنار. لقد جلست الدول الأوربية الفقيرة (إسبانيا واليونان) مع الدول الأوربية الغنية (فرنسا وبلجيكا وهولندا وفنلندا والسويد) في سنة 1992 يواجهن العالم جبهة واحدة واقتصادًا واحدًا متكاملًا وعملة واحدة، فهل نحن أقل منهم.. أم نحن معوقون ومصابون بتخلف عقلي"..؟! هذه التساؤلات التي أثارها المفكر الإسلامي الكبير -رحمه الله- تقودني إلى إثارة موضوع سبق وأن تناولته في أكثر من مناسبة سواء كتابةً أو في لقاءات تلفزيونية حوارية.. وهو ضرورة أن نتخذ الخطوات اللازمة للخروج جماعيًا من الحالة التي نحن فيها.. إلى حالة جديدة ننطلق فيها نحو المستقبل، ولكن بشكل أكثر قوة نواجه فيها التهديدات كجماعة متكاتفة وليس كأعداد أحادية متفرقة يسهل التغلب عليها وجعلها ترسًا في آلة الأطماع الخارجية بالتفرد بكل دولة عربية دون الأخرى، فالذئب لا يأكل من الغنم إلا القاصية، فينتهي الأمر بأن تؤكل دولة بعد أخرى.. فتصح فينا مقولة: "أكلنا يوم أُكل الثور الأبيض"؟! نافذة صغيرة: قال تعالى: (واعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ) (الآية 103: آل عمران). [email protected]