ماتت وردة.. ماتت المرأة التي شاركتنا تفاصيل كل قصة حب عشناها.. ماتت بعد أن ساهمت في تشكيل الذاكرة الوجدانية لأجيال عربية متتالية.. ماتت وردة بعد أن تركت بصمتها على كل قلب.. فارقتنا بعد أن رعت بصوتها كثيرا من التفاصيل الدقيقة لعلاقاتنا العاطفية.. ماتت وردة، فالزمن لم يعد يتسع للورد. وبموتها أخشى على حدائق الورد التي زرعتها في آذاننا وقلوبنا، من الذبول. ماتت وردة، لكن صوتها سيظل حياً ما بقي قلب يخفق بعاطفة الحب. ماتت وردة، لكن صوتها ما زال يصدح بيننا، يربت على كتف كل قلب جريح، ويأخذ بيد كل قلب ملهوف، ويمنح العزاء لكل مكلوم، ويواسي كل محروم، ويخصص مساحات شاسعة يمكن أن يلجأ إليها ويقيم في رحابها، كل من أراد أن يغادر الزمان والمكان.. إلى حيث لا زمان ولا مكان. ماتت وردة بعد أن ارتقت بعاطفة البشر وقامت باستئصال آثار الكراهية في قلوب عشاقها.. هل تجيد الأصوات فن الكذب كما الكلمات..؟ وهل يشعر بالكراهية من يعشق صوتا صادقا بشر بالجمال، ونذر نفسه لإشاعة الحب بين الناس؟! ماتت وردة قبل أن تموت، أغلقت على قلبها باب الذكريات، توارت خلف جدران حضور هو أقرب إلى الغياب، واكتفى صوتها بالتواجد من خلال رجع صدى الزمن الجميل الذي كانت هي إحدى وروده. لا ورد اليوم بعدك يا وردة.. إنه زمن الأعضاء المسلكنة.. والحناجر المسلكنة.. والورد المسلكن.. إنه زمن الحقيقة المسلكنة، حيث أصبح للكذب صناعة، وحيث أصبح للأكاذيب ثوب براق يغزل صناع الكذب خيوطه، من جهل الناس وتجهيلهم. وردة التي قدمت من الجزائر لتقيم في مصر ولتتربع على وجدان كل الشعوب العربية، كانت عنواناً لمرحلة رومانسية سقطت فيها الحواجز بين أبناء شعوبنا حتى غدا تمييز المصري عن الجزائري أو السعودي عن اللبناني أو الكويتي عن السوداني، أمراً شاقاً. ماتت وردة بعد أن عاشت بقلبين، أحدهما يخفق للجزائر، والآخر ينبض بحب مصر.. وبين الجزائر ومصر، زرعت وردة حقولا من الورد أثمرت في قلوب كل من كان ينتمي إلى وطنها حبيبها.. وطنها الأكبر. عودي أيتها الوردة للتراب، فالهواء الملوث لم يعد يناسب رئتيك. [email protected]