إطلاق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في كلمته الافتتاحية في القمة الخليجية التي عُقدت في الرياض في ديسمبر الماضي الدعوة بالانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، أكدت حرصه الشديد -حفظه الله- على أمن واستقرار دول المجلس، وعلى مستقبل أبناء تلك الدول، وحماية مكتسباتها، والوقوف بصلابة أمام كل ما تواجهه من مخاطر، وتهديدات، وتحديات، الأمر الذي وجد ترحيبًا ومباركة من قبل إخوانه قادة دول المجلس، الذين وجهوا المجلس الوزاري في ذات القمة بتشكيل هيئة متخصصة يوكل إليها دراسة مقترح خادم الحرمين من كل جوانبه؛ ليعرض على القمة التشاورية التي تُعقد اليوم. فعلى صعيد التهديدات والتحديات الخارجية، نستذكر قول صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية مؤخرًا: إن دول مجلس التعاون الخليجي أصبحت تواجه تحديات تؤثر في مسيرتها، ابتداءً بتصعيد المواجهة بين المجتمع الدولي وإيران حول برنامجها النووي، واستفزاز الأخيرة المستمر لدول المجلس، مشيرًا إلى أن المستجدات تستدعي منا وقفة للتأمل، وإرادة للتعامل معها حفاظًا على مصلحة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. الجارة إيران التي مازالت تواصل استفزازاتها لدول الخليج، إضافة إلى التدخل في شؤونها الداخلية. يصر حكامها على الزعم بتبعية البحرين لها، فضلاً عن قيامها بأكثر من محاولة لقلب نظام الحكم فيها، بدءًا من الثمانينيات عندما أعلنت المنامة ضبطها مجموعة من المخربين تلقوا تدريباتهم في إيران، لقلب نظام الحكم. وفي التسعينيات شهدت البحرين حالة من الفوضى، واتهمت المنامة رسميًّا طهران بالتورّط في تمويل تنظيمات سرية تهدف إلى قلب نظام الحكم، وإقامة جمهورية على النمط الإيراني. كما كشفت سلطات البحرين في العام 1996 عن مخطط لحزب الله البحريني، وهي حركة معارضة شيعية، لقلب نظام الحكم، وأخيرًا ما قام به خارجون عن القانون في العام 2011م من أعمال شغب، والكشف عن مخطط أيضًا لقلب نظام الحكم بالبحرين. والشهر الماضي، زار الرئيس الإيراني أحمدي نجاد جزيرة أبوموسى المحتلة، فيما اعتبرته دول المجلس عملاً استفزازيًّا سافرًا، فيما أطلق نواب إيرانيون مزاعم بأن الإمارات كانت جزءًا من إيران، إضافة إلى اقتراحات بتنظيم زيارات جماعية إلى الجزر الإماراتية الثلاث طنب الكبرى، طنب الصغرى، وأبوموسى. وأخيرًا، كُشف عن مشروع سيعرض على البرلمان الإيراني لإنشاء محافظة إيرانية جديدة سيطلق عليها "محافظة الخليج الفارسي"، وتكون عاصمتها جزيرة "أبوموسى" المحتلة. أمّا على صعيد مستقبل أبناء المجلس، فإن "الاتحاد" سيزيد من فرص العمل للشباب الخليجي، وسهولة انتقال المواطنين، ورؤوس الأموال ضمن أقطاره. إن اتحادًا يضم دول الخليج الست إذا ما تم فإنه سيكون قادرًا -بإذن الله- على مواجهة أي تهديدات خارجية، إيرانية كانت، أو غير ذلك، إضافة إلى تلبية متطلبات شعوبه، وطموحات شبابه.. وحيث تتجه الأنظار، وتتعلق الآمال بالقمة التشارورية التي تُعقد في الرياض اليوم؛ لسماع بشائر بزوغ فجر هذا "الاتحاد".