هذه العبارة من العبارات المذمومة التي تساعد على تقطيع الأرحام. وهي تقال عادة ممن تكون بينه وبينه أقاربه شحناء وسوء تفاهم لا يخلو منه مجتمع من المجتمعات. فصِلةُ الأرحام كلها خير وسبب لطول العمر والبركة في الأموال والأولاد، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ، أَوْ يُنْسَأَ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» متفق عليه. قال السيوطي في شرحه على مسلم (5/ 503):(من سره أَن يبسط عَلَيْهِ فِي رزقه أَي يُوسع وَيكثر وَقيل يُبَارك لَهُ أَو ينسأ بِالْهَمْز أَي يُؤَخر فِي أَثَره أَي أَجله لِأَنَّهُ تَابع للحياة فَظَاهر هَذَا أَن الْأَجَل يزِيد وَينْقص وَفِيه قَولَانِ مشهوران وَالْمَانِع يؤول الحَدِيث على الزِّيَادَة بِالْبركَةِ فِي الْأَوْقَات والتوفيق للطاعات) ولايخفى على إخواننا الوعيد الشديد في قطيعة الرحم، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَلَقَ اللَّهُ الخَلْقَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتِ الرَّحِمُ، فَقَالَ: مَهْ، قَالَتْ: هَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ، فَقَالَ: أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ، قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَذَلِكِ لَكِ»، ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) متفق عليه. قال شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري (2 /385): (قوله:(ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب، قال: فذلك لك)) من وصله الله، وصل إلى كل خير وسعادة في الدنيا والآخرة، ولا بد أن تكون نهايته مجاورة ربه في الفردوس؛ لأن الوصل لا ينتهي إلا إلى هناك فينظر إلى وجه ربه الكريم. ومن قطعه الله فهو المبتوت المقطوع مع عدو الله الشيطان الطريد الرجيم، ولو أراد الخلق كلهم صلته ونفعه،لم يفده ذلك، فأي تحذير وتهديد أعظم من هذا؟ وأي وعد وثواب أكبر من ثواب صلة الرحم؟ ولهذا قرأ أبو هريرة الآية مستشهداً بها، وفيها أن قطيعة الرحم مجلبة للعنة الله وغضبه وشديد عقابه) ولعلنا أن ننبه في هذه العجالة الى الفرق بين الأرحام والأصهار فالرحم من اشترك معك في بطن من البطون من جهة الأب أو الأم، والأصهار هم أهل الزوجة قال الجوهري في مختار الصحاح (1/ 180): (الْأَصْهَارُ) أَهْلُ بَيْتِ الْمَرْأَةِ. فعلى المسلم أن يتقي الله في رحمه فكما أن قطيعة الرحم كبيرة من الكبائر فكذلك الإحسان إليها سبب لرضى الرب جل وعلى وسبب للبركة في العمر والأموال والأولاد. وفق الله الجميع لرضوانه وجنبهم عظيم سخطه وعقابه.