تصوروا مجرد تصور لو أن أحدنا زار اليابان، فرأى في شوارعها سيارات يابانية تمشي (آخر حلاوة) لا أعطال ولا فساد، ثم أراد أن يشتري سيارة مثلها من جدة أو الرياض. وعندما فعل فوجئ بأن السيارة المحروسة تمشي يوماً وتتعطل يوماً، وهي عروس جديدة. والآن لنحول المشهد إلى مشروع القطارات السريعة بين الرياض والشرقية، تلك التي كلفت أكثر من 600 مليون ريال سعودي.. مجرد القاطرات والعربات.. يقولون إنها أسبانية، وأنها من أفضل ما صُنع، وأجود ما تحرك على سكة حديد ليس كمثلها شيء مما صنع الصانعون من قبل. هذه القطارات (الأفضل) و (الأجود) ثبت أنها (مهببة) وأنها أسوأ من السيارات (المضروبة) التي تمشي يوماً وترتاح أياماً لأنها في النهاية ذات آلاف معدودة لا ملايين كثيرة، ولأنها فضيحة (صغيرة) قياساً بالفضيحة (الكبيرة) ذات الجلاجل التي تُسمع من وراء البحار. أحدهم قال لي لا بد أن هذه القطارات مصنوعة في روسيا ومحركاتها من القوقاز وتكييفها من رواندا وكمبيوتراتها من أفغانستان، وهي تجميع أسباني بامتياز.. هي من الخارج (الله الله) ومن الداخل، وفي العمق (يعلم الله). هل يا ترى (فلوسنا) من حرام، وفلوس الآخرين من حلال؟ هل حقيقة نحن لا نستحق أكثر من (المعطوبة) و(المجروحة) و(المتردية) و(النطيحة)؟ هل كثير علينا أن ننعم بالجديد ولو لحين؟ هذه (حالة) واضحة يا هيئة مكافحة الفساد، فأرونا ما يحب الله ورسوله منكم إن كنتم فاعلين؟ أرونا قدرتكم على انتزاع الثقة فيكم انتزاعاً حتى نقر لكم بالإيجابية والفاعلية، وأن سيوفكم فعلاً أصلب من الخشب، وأقوى من الفولاذ وأحدّ من الشعرة!! بقي رهانان آخران.. كل منهما من جانبي بمليون ريال: الأول أن هذه القضية ستُطوى كما طُوي غيرها.. هل ترانا نسينا الفاتورة الباهظة لقطار المشاعر؟. وأما الرهان الآخر فهو المشروع الهائل.. قطار الشمال الجنوب الذي تمت ترسيته على اتحاد يضم الشركة الأسبانية إياها ذات المنتجات الخايبة! المشروع سيمضي والملايين ستُدفع.. عفوا البلايين ستُدفع، وسنصيح قليلا، ونبكي كثيرا، ثم يمضي كلٌ إلى حاله!!!