ما حدث في مركز التأهيل الشامل في منطقة تبوك مع ذوي الاحتياجات الخاصة – الفئة التي يجب أن تكون رعايتها أضعاف ما تُوجَّه لرعاية المواطن العادي – كان امرا مؤلما ؛ فبناءً على الأحداث المتتابعة حول السبب الحقيقي الذي دفع وزارة الشئون الاجتماعية إلى ترحيل معاقي المركز البالغ عددهم ( 257 معاقاً حسب تصريح مدير مركز التأهيل الشامل بمنطقة المدينةالمنورة ) إلى مركز التأهيل الشامل بمنطقة المدينةالمنورة ، ناهيك على أن مركز تبوك قام بتسليم الحالات المُستقرة لذويها ، لكي لا يُصابوا بحالة نفسية جراء تغيير بيئتهم ، ولكم – أيضاً – أن تتخيلوا ما الحالة التي سيكونون عليها مع أسرهم التي تفتقد لأبسط مقومات التعامل مع هذه الفئة ؟ ومع كل ما حصل من إيذاء في عملية الترحيل ذاتها ؛ إلا أن مستوى هذا الإيذاء تواصل في الآلية التي تم نقل المعاقين بها من تبوك إلى المدينة ؛ فالمصادر تؤكد على أن المعاقين تم نقلهم بشكل بدائي جداً تمثل في حافلات منزوعة الكراسي ، ووصلوهم بدون أدويتهم الخاصة بحالاتهم ، إضافة إلى عدم التنسيق مع أمن الطرق وهيئة الهلال الأحمر بالمدينة للمساهمة في عملية الإخلاء الإجباري من تبوك ، مما يعني عدم اكتراث لوضع هذه الفئة الإنساني والطبي . يُعد الفعل في حد ذاته انتهاكاً صريحاً وواضحاً لحقوق هذه الفئة التي قدَّر الله عليها بما هي فيه ، فمهما كانت المُبررات التي ساقها مسئولو وزارة الشئون الاجتماعية بدءاً من وكيل الوزارة المُساعد للرعاية الاجتماعية الذي حمَّل السبب المقاول المُنفذ لمركز التأهيل الشامل في تبوك والمكتب المشرف فنياً وهندسياً ، وأن وزارته ستُلاحق هؤلاء قانونياً وفق نظام المنافسات أو المُشتريات الحكومية في تنصل واضح للمسئولية، ومماطلة سيطول أمدها ، والضحية هم من سيتجرع مرارة الإهمال ، وفُرقة الأهل ، فالمنطق يقول : من أسند المشروع لهذا المقاول ؟ أليست الوزارة ؟ ومن أعطى الضوء الأخضر للمكتب المُشرف فنياً وهندسياً بالإشراف ؟ أليست الوزارة ؟ و المؤلم أن يتضمن تصريح سعادة الوكيل بأن المبنى لم يتم استلامه رسمياً ، على الرغم من أن المبنى مُدشَّن منذ عام ونصف تقريباً ، فمن الذي سمح بممارسة العمل في المبنى وهو لم يُستلم رسمياً ؟ أليست الوزارة ؟ أسئلة تتقافز على قارعة الطريق تحتاج إلى إجابات مُقنعة وليس إلى تصريحات تستهدف تقاذف التهم ، والتخلي عن المسئوليات المُناطة بالجهات ذات العلاقة ، وتقودنا في ذات الوقت إلى الضرورة الحتمية للنظر في نظام المُشتريات وإرساء المُناقصات الحكومية ، ومدى جدواه تنظيراً وتنفيذاً ؛ فالمُتتبع لبعض من المشاريع الحكومية يلحظ تبايناً واضحاً بين المواصفات المُعتمدة للمشاريع ، وبين واقعها على الأرض، والمُعضلة أن تداعيات سوء التنفيذ تظهر بسرعة تُسابق أحياناً فترة التجربة المُقررة لهذه المشاريع ، الأمر الذي يُحتِّم إعادة النظر في هذا النظام ، والبحث عن بدائل تتلافى القصور فيه أولاً ، وتُحافظ على ثروة الوطن ثانياً عن طريق رصد مبالغ معقولة لتنفيذ المشاريع الحكومية. [email protected]