يعلمنا الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه كيف ندير أنفسنا ونتعامل معها فيقول: «ميدانكم الأول أنفسكم, فإن انتصرتم عليها كنتم على غيرها أقدر، وإن خذلتم فيها كنتم على غيرها أعجز. فجربوا الكفاح معها أولاً». وهناك قاعدة ذهبية في التعامل مع الناس تقول: عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به فلا تظن أنهم سوف يحسنون إليك في الوقت الذي تسيء لهم فيه ولا تظنهم سيكرمونك وأنت تهينهم. وبالتالي إذا أسأت إليهم عليك أن تدفع ثمن هذه الإساءات وتلك الإهانات وهذا الثمن يتلخص في أن يكون لديك الشجاعة على الاعتذار الذي يمثل اعترافك بالخطأ وعدم تكراره مستقبلًا. الاعتذار فن وتكمن أهميته في أنه جزء من الخصال الإنسانية المحمودة فنحن بشر غير معصومين من الخطأ وبالتالي لا تخلو علاقتنا مع الآخرين من المشكلات أو الأخطاء ولكننا مع ذلك نمتلك الضمير الذي يدفعنا إلى التسامح مع من أخطأ في حقنا والاعتذار لمن أخطأنا في حقه. والجدير بالذكر أن البشر لا يجيدون الاعتذار رغم كونهم خطائين (كل ابن آدم خطاء) لكن غرس هذه الخصلة فيهم منذ نعومة أظفارهم تؤهلهم لأن يكونوا في المستقبل أناسًا محبوبين لأن بطبيعة الحال يميل الجنس البشري إلى الرغبة في إصلاح علاقاته مع الآخرين. وتساعد دراسة فن الاعتذار واستيعاب خطواته على الحفاظ على علاقات جيدة مع الآخرين وفيما يلي نستعرض الخطوات: 1- إبداء الندم: يبدأ الاعتذار الصادق بالتعبير عن الندم والذي يتمثل في قول: «أنا أسف»، 2- الاعتراف بالمسؤولية: وهو الإقرار التام بالأخطاء وعدم تبريرها فمن القوة والنضج الاعتراف بالأخطاء، 3- تعويض من أخطأت في حقه: يتمثل ذلك في المحاولة الجادة والجهد الذي يبذله المخطئ لإرضاء المعتذر له، 4- النية الصادقة في عدم تكرار الخطأ: يعني ذلك أن تعتزم على ألا تعود مره أخرى إلى ارتكاب ما يؤذي الآخرين أو يسبب الضيق أو الحرج لهم، 5- طلب السماح: يعد طلب السماح دليلاً على حرص المذنب أو المخطئ على الحفاظ على علاقته مع الآخرين. والتسامح سلوك يريح القلب ويرسم البسمة على الشفاه ويجعل من حولك أكثر محبة لك وقبل كل ذلك محبة الله لك وما وعدك من ثواب عظيم.. والمقصود بالتسامح ليس الموافقة على الاعتذار منذ الوهلة الأولى بطرح المشكلة للنقاش مع المخطئ حتى يتعلم من أخطائه لأن التسرع في التسامح قد يعطيه الفرصة لتكرار ما حدث مما يدمر العلاقة في المستقبل، ولكن لابد من التسامح في النهاية وقبول الاعتذار لأن ذلك يساعد في إصلاح ذات البين في الكثير من العلاقات التي انتهت وأسدل عليها الستار لفشل أطرافها في الوصول إلى حل نتيجة إخفاقهم في الاعتذار والتسامح وقديما قالوا: «أشر الناس من لا يقبل الاعتذارات ولا يستر الزلات ولا يقبل العثرات». د. مجدي سليمان صفوت - جدة