في معظم حالات الزواج وربما من الأزل تعتري العلاقات بين الزوجة وبين عائلة زوجها كلها أو بعضها توترات عديدة قد تصل أحياناً إلى انفصام علاقة الزواج، في الوقت الذي تتميز فيه علاقات الزوج مع أهل زوجته -غالباً- بكثير من الوئام والحب والتقدير من الطرفين، وقد يكون من الطبيعي بدء توتر العلاقة بين الزوجة -حديثة العهد- مع أم زوجها خاصة، ومع أخواته في أغلب الأحيان، ومن اليسير تحديد العلة التي تتسبب في هذه الحالة، فهي من ناحية والدة الزوج تنطلق من عاطفة الأمومة التي تجرف كل ما يقف في طريقها ولو كانت سلامة حياة ولدها -فلذة كبدها- الزوجية واستقرارها، فعاطفة الأمومة لا تعترف بمنطق، فالأم التي تعبت في حمل ولدها وأصابها الوهن خلال أشهر الحمل، وبذلت جهدها ليل نهار من أجل راحته، وكم مرضت من أجله وكم جاعت ليشبع، وكم سهرت لينام فإذا بها تفاجأ ببنت الحلال تخطفه من بين يديها وتذهب به بعيداً عن عينها ليعيش حياة جديدة مع إنسانة غريبة عليه -خاصة إن تزوج من خارج العائلة- وقد تجبره ظروف الحياة على العيش في منطقة أخرى وربما بلاد بعيدة! وتزامناً مع معاناة أم العريس واعتراك مشاعرها وتوتر عاطفتها فإن الزوجة نفسها تجد في نفسها كثيراً من الضيق والتبرم من تصرفات أم زوجها وأخواته نحوها ومواقفهم تجاهها دون أن تعطي وقتاً للعقل والتفكير في كيفية التعامل بهدوء مع هذه العاصفة -المدمرة أحياناً- ولعلها تنسى أنها ستكون ذات يوم في موقف أم الزوج أو أختا له، وتنسى أسباب تلك العاصفة ولا يخطر على تفكيرها أنها لو تتحمل قليلاً وتتريث وتحني رأسها حتى تمر الرياح العاتية، ومن ثم تبدأ مرحلة جديدة ملؤها الحب والمودة والرحمة والاحترام والتقدير، وستكون النتيجة لصالحها حيث سيقتنع بها كل أفراد عائلة زوجها وهو نفسه سيشعر في قرارة نفسه بكثير من الحب والتقدير لها، ولكنها لن تصل إلى هذه الدرجة من النجاح دون جرعات كبيرة من الصبر والاحتساب، مع ضرورة اقتناعها بأن والدة زوجها هي أمها الثانية وأن أخواته أخواتها، لأنها بذلك ستكسب قلب زوجها بكل تأكيد!! قد لا يخلو الرجل من تحمل قسط كبير من مسؤولية توتر العلاقة بين أهله وزوجته، وغالباً ما يكون كثرة انشغاله مع أهلها وتردده عليهم وارتباطه معهم في الحل والترحال، وربما تغافله أو تقصيره متعمداً أو غير متعمد في أداء حقوق أهله ووالديه بالدرجة الأولى من أكبر العلل التي تتسبب في خلق هذه المشكلات، رغم أنه غالبا ما يحاول تحقيق التوازن بين أهله وأهل زوجته لكن ظروفاً خارجة عن إرادته تجبره على الوقوع في المشكلة، وإذا لم يمتلك زمام الحكمة في التعامل مع الأزمة فقد يخسر كل شيء لا قدر الله!! ترى هل هذه قضية اجتماعية تستحق منا التفكير والبحث عن أساليب مناسبة للتعامل معها بمنطق وهدوء وروية للحفاظ على الروابط الاجتماعية عامة والعائلية والأسرية خاصة، وهل بذلنا جهوداً وقائية قبل الوقوع في المشكلة أو على الأقل قبل أن تتفاقم إن بدأت لها مؤشرات تنذر بقدوم عاصفة هوجاء مع بدء الحياة الزوجية؟!