حافظت الدورة التاسعة للمهرجان الدولي لفيلم الطفولة والشباب الذي احتضنته مدينة سوسة بالساحل التونسي على أهدافها منذ تأسيسها وأهمّها تعليم التربية على الصورة، والتعامل الواعي معها، والتفتح على الآخر بما يحمله من قيم وثقافة مغايرة، بعد عرضها لقرابة 120 فيلمًا من تونس ومختلف دول العالم، بعضها لفئة الأطفال وأخرى للشباب، ومنها: شريط الصور المتحركة للمخرجة السورية ياسمين حجازي بعنوان «عصافير الياسمين»، والفيلم المغربي «ماجد» الحاصل على جائزة أحسن سيناريو بمهرجان طنجة 2011 للمخرج نسيم عباسي، وجديد الأشرطة التونسية القصيرة والحديثة فيلم «نحن هنا» لعبدالله يحيى والذي ينقل تفاصيل يومية من حياة مجموعة من مغني الراب القاطنين في الأحياء الشعبية بالعاصمة وكيف يترجمون معاناتهم في أعمال غنائية أدت لانتشار موسيقى الراب في صفوف أبناء المناطق الفقيرة بالعاصمة، كما احتضنت هذه الدورة قسم كاميرا وثورات الأعمال السينمائية العاكسة للأحداث الاستثنائية التي عاشتها عدد من الدول العربية في السنة الماضية، وشارك في هذا الجانب مخرجون من تونس ومصر وايطاليا، إلى جانب ورش تكوينية في مهن السينما (التمثيل- كتابة- السيناريو- المونتاج- الصورة السينمائية) إلى جانب ركن يهتم بالأفلام التي تتوفر على ميزانيات صغيرة. واعتبر مدير المهرجان السيد حسن عليلش أنه بعد عقدين من الزمن استطاع المهرجان الدولي لفيلم الطفولة والشباب إضافة أشياء عديدة للمشهد العربي بداية أنه عمل مجهودًا ليعرّف بنوع معين من السينما القليلة في تونس والوطن العربي وإفريقيا، فمثلا في تونس لا يوجد إنتاج كبير لهذه النوعية من الأفلام، فكانت مدينة سوسة بالصدفة لأننا متواجدون بها لبعث المهرجان بأسلوب مغاير للمهرجانات الأخرى التي تختار أفلامًا وتقدمها للجمهور وتأتي بلجنة تحكيم وتسند الجوائز، وكان تصورنا في البداية التعريف بالسينما الموجهة للطفولة والشباب وفضاء مفتوح للتعليم والتجارب وفرصة للشباب للتعارف وللتبادل الثقافي بين المشاركين، . وحول المعوقات وأسباب نفور المنتجين العرب من صناعة الأعمال الموجهة للطفل والشباب، قال السيد حسن عليلش: هذا إشكال كبير في الوقت الحاضر لأننا نفتقد إلى استراتيجية كاملة، وعلى الدول العربية أن تعيد النظر في الوضعية وتتجاوز السلبيات وتخلق ديناميكية جديدة حتى ينطلق الإنتاج السينمائي ويأخذ حيوية ولو كميًا في البداية لأن في نهاية الأمر ليس كل الأفلام التي ستنتج ستكون ذات مستوى وتنجح وتعجب الجمهور، كما يجب على القطاع الخاص أن يهتم بالإنتاج ويشارك ببعض التجارب، هند صبري تدافع عن «أسماء» قدم مهرجان سوسة الدولي لفيلم الطفولة والشباب في افتتاحه فيلم «أسماء» للممثلة هند صبري وهذا أول عرض لهذا الفيلم المصري في تونس بعد أن جاب أغلب المهرجانات الدولية وفاز بعدد من الجوائز وحظي بتفاعل كبير من طرف جمهور السينما في سوسة. وتحدثت الممثلة التونسية المقيمة في مصر عن حضورها للمهرجان، ولم تترك الفرصة تمر دون التذكير بأهمية السينما في توعية الشعوب والرسالة التثقيفية لهذا الفن، مؤكدة أن السينما موجهة دوما للطفولة والشباب، وأشادت بدور مهرجان سوسة السينمائي في تحقيق هذه التطلعات وبانفتاحه على مدارس سينمائية مختلفة واستقباله لفنانين من جميع دول العالم. وأضافت ضيفة شرف المهرجان أن فيلمها (أسماء) لا يطرح قضية مرضى الإيدز (السيدا) فحسب وإنما يدعو للتسامح والقبول بالمختلف عنا وإشراك الأقليات في بناء المجتمع. ولم توافق هند صبري على رأي الاعلام والنقاد حول ما لحق بفيلمها حول اتجاهه نحو الوعظ والنصح، مشيرة إلى أن مخرج العمل ومؤلفه عمرو سلامة اختار هذا النهج بحكم معرفته بحكاية البطلة الحقيقية ولقائه معها ومع بناتها، وأضافت هند: سأقول هذا الكلام لأول مرة فيلم «أسماء» كان سيشارك في الدورة الماضية من مهرجان «كان» لكن طلب القائمين عليه بحذف كيفية إصابة أسماء بمرض فقدان المناعة المكتسبة الإيدز جعل عمرو سلامة يرفض هذا العرض من منطلق أنه لا يرغب في حضور مهرجان مهم على حساب مصداقيته مع نفسه ومع صاحبة الحكاية «أسماء». تجدر الإشارة إلى أن فيلم «أسماء» يروي قصة حقيقية، حكاية امرأة ريفية بسيطة ترتبط بشاب تحبه وتعمل ببيع السجاد اليدوي غير أن خلافها مع أحد رجال السوق يؤدي بزوجها للسجن بتهمة القتل الخطأ حين كان يدافع عنها.. هذا الحدث غيّر مجرى حياة أسماء بعد أن أصيب زوجها بمرض الإيدزا في فترة سجنه حيث ترفض تركه وتتقاسم معه مرضه كما تصر على الإنجاب منه، غير أن قرارها هذا جعلها منبوذة في قريتها فتنزح للقاهرة وبعد إصابتها بمرض في المرارة ورفض الأطباء إجراء العملية لها خوفًا من العدوى تضطر أسماء للظهور علنًا على الشاشة تلفزيون وتفضح سرها الذي أخفته حتى عن ابنتها غير أنها تكسر حاجز الخوف الذي بداخلها وتواجه المجتمع كما تُجرى لها عملية المرارة بالخارج بعد تبرع فاعل خير الذي لم يكن سوى مذيع البرنامج.. هذه النهاية لم تكن ما آلت إليه حياة أسماء الحقيقية التي ماتت بمرض المرارة ولم تكشف عن وجهها في التلفزيون.