سقط الرأس وبقي الجسد، كثيرًا ما تتردد تلك المقولة عند الحديث عن الثورة اليمنية.. أما في مصر فبعد إسقاط مبارك، بدأت مرحلة الهجوم على التيارات الشبابية الثورية وشيطنتها، ثم خفت حدة الهجوم بعد لملمة قضية التمويل الأجنبي، في ذات الوقت الذي تم فيه إبعاد حشود القطاعات الإسلامية ذوات العدد عن الميدان تحت بريق الوعد بالبرلمان، ثم بدأت المرحلة الثانية بعد انتهاء قضية التمويل باستهداف الشيخ حازم أبو إسماعيل ثم لحقتها المرحلة الثالثة باستهداف القطاعات التي سبق تحييدها (الطعن على شرعية البرلمان والتهديد بحله - انسحاب ممثلي الأزهر والافتاء والمحكمة الدستورية والكنيسة من اللجنة التأسيسية للدستور - تصاعد الهجمات الإعلامية)، والمتابع للصحف الحكومية لا يجد فرقًا بينها في عهد مبارك وبينها الآن في الهجوم على الإسلاميين، وذلك بدوره يعطي مؤشرًا للفلول والغرب بإمكانية تمرير النموذج اليمني في مصر(فنائب الرئيس خلف رئيسه - وتم الاكتفاء بتغيير رأس النظام وقلة من أعوانه مع بقاء نفس المنظومة وباقي الجسد). الأحزاب والائتلافات والجماعات التي ضربت أحسن مثالًا في التوافق أثناء الثورة هي نفسها من ضربت نفس المثال بعدها، لكن في التشرذم والاختلاف، مما سمح لأتباع النظام السابق في أن يفكروا في أن يتخذوا خطوة مثل الترشح للانتخابات الرئاسية، فلولا أن أعطتهم الأحزاب الفرصة لما كان هذا حال المصريين الآن.وهكذا جاء ترشح سليمان للرئاسة الذي يعتبره البعض خيانة وانتكاسة لثورة، راح ضحيتها الآلاف وغيرهم ممن فقدوا عيونهم. الانتخابات الرئاسية تقترب، والكل يترقب، من سيكون الرئيس القادم لمصر، الأمر الذي يقتضي من المصريين أن يضعوا نصب أعينهم أهمية حماية ثورتهم والدفاع عن مكاسبها قبل أن تضيع تحت سنابك خيول المتنافسين في معركة الرئاسة. وأخص هنا "سليمان" الصندوق الأسود للنظام السابق، الذي قال عنه رئيس حملته الانتخابية إنه يحفظ القرآن بل وإنه يحب أن يختلي بنفسه للتأمل في ملكوت الله .!! ما يحدث في مصر لا يخصها وحدها، هكذا تقول لنا خبرات التاريخ القريب والبعيد.. ومعركة الرئاسة في مصر قد لا تقرر فحسب مصير الثورة فيها وإنما ترسم خطوطا عريضة قد تقرر مستقبل المنطقة بأسرها. سيناريو يمني لمصر قد يرضي البعض لكنه لن يرضي الثورة ولن يضع نهاية للآلام، وعلى من لا يصدقون ذلك أن يطالعوا ما حدث ويحدث في اليمن "النموذج".