أتاحت التقنيات الحديثة للشباب المعاصر حياة جديدة، ينتجها الشباب بأنفسهم ويفسحون المجال للآخرين للعيش معهم فيها، لأن النماذج الافتراضية تتيح مجالاً من التفاعل يجعل الناس كأنهم مسافرون في رحلة عبر الزمن ليصلوا الحاضر بالماضي وبالمستقبل. إن استخدام تقنيات الواقع المدمج والواقع الافتراضي المستخدمة في المشاريع المعاصرة للعالم الافتراضي والتي تجمع بين العلم والفن تعود في تاريخها إلى تراكم معرفي للبشرية يمتد ليصل إلى إسهامات العرب الأوائل في علم البصريات، كما هو الحال لدى العالم الشهير الحسن بن الهيثم، وما تبع ذلك من تطوير للعلوم والمخترعات، وبخاصة اختراع الكاميرا وهو الجهاز الأساسي الذي يعول عليه في تقنية الواقع المدمج والواقع الافتراضي. لقد استفاد عدد من الشباب من هذه المعرفة العلمية في تقديم مشاريع رائعة ومدهشة، وعلى سبيل المثال فإن المهندس عبدالواحد عواض الزايدي والمهندس محمد عواض الزايدي لديهما تجارب جديدة في هذا المجال، وقد تقدما بها العام الماضي في سوق عكاظ وهي عبارة عن محاكاة الماضي لسوق عكاظ باستخدام تقنيات الواقع المدمج والواقع الافتراضي بحيث ترى الشعراء والخطباء القدماء والكائنات والأشياء داخل خيمة وتتيح لك التفاعل معها، وإذا كان المهندسان محمد وعبدالواحد قد حصلا على جوائز وكانت ابتكاراتهما محل تقدير المسؤولين في الدولة والهيئات العلمية فإن الشيء الذي ينبغي أن يقدم لهما بالدرجة الأولى هو تبني هذه الأفكار والمشاريع الإبداعية وتشجيعها ودعمها بتهيئة المجال لتنفيذها ومنح أصحابها فرصة التحليق في هذه العوالم وإنتاج الصور الخيالية الموازية للواقع والتي تمنح المشاهد لذة المعرفة وجماليات الاستعادة وتحفز الجميع على الإبداع وتقدير المبدعين. إن خيالات الشعراء وما ينتجه كتاب الرواية من عوالم تلامس الغرائب هي اليوم أعجز من أن تنافس ما يخلقه العلم من أحداث افتراضية مدهشة لم تعد عبارة (إنها أغرب من الخيال) كافية للتعبير عنها بدقة.