ما الذي يمكن أن يفعله المرء في مواجهة إرهاب الدول والجيوش النظامية الكبرى ؟ بالطبع ليس هناك من سبيل سوى المقاومة، وإذا ما تعذر على المرء أن ينخرط ضمن المقاومة المسلحة لمواجهة إرهاب الدولة ( الاحتلال والاستيطان )، فإن المقاومة يمكن أن تتحول إلى أسلوب سلمي لمناهضة الإرهاب. العصيان المدني واحد من أساليب المقاومة السلمية التي آتت أكلها في بعض الحالات، وعلى رأسها الحالة الهندية في زمن المهاتما غاندي. لكن من قال إن فلسطين مثل الهند، ومن قال إن إسرائيل مثل بريطانيا التي كانت في ذلك الوقت، إمبراطورية آيلة للسقوط؟ الأسير الفلسطيني خضر عدنان أعاد إحياء التقليد الفلسطيني الفريد في المقاومة السلمية، وأعني به أسلوب الإضراب عن الطعام الذي اتبعه عدد من الأسرى القابعين في سجون الاحتلال تحت ذريعة قانون الاعتقال الإداري الذي ورثه الصهاينة من الانتداب البريطاني. وقبل أكثر من أربعين يوما انضمت الأسيرة هناء شلبي لخضر عدنان في الإضراب عن الطعام، بعد أن تم إخضاعها للاعتقال الإداري عقب الإفراج عنها ضمن صفقة تبادل الأسرى التي أُطلق بموجبها سراح الأسير الإسرائيلي جلعاد شاليط. هذا العدو الغادر الذي لا يحفظ عهدا ولا يجد غضاضة في خرق الاتفاقات والتعهدات التي يقطعها على نفسه، هو في الحقيقة أوهن من أن يواجه معدة خاوية لأسير فلسطيني أو أسيرة فلسطينية واحدة. سلاح الجوع الذي يواجه به الأسرى والمناضلون الفلسطينيون ظلم الاحتلال وتعسفه وانتهاكه لأبسط حقوق الإنسان، هو ذخيرة الفلسطيني المتبقية في مواجهة آلة الحرب والقمع الإسرائيلية التي لا حدود لظلمها وبشاعتها وصلفها. والدولة التي تخشى سلاح الجوع عندما يتم إشهاره في وجهها رغم كل ما ترتكبه من فظائع، هي دولة مرتبكة ومتخبطة ومتناقضة لأنها وبكل بساطة قامت على ادعاء المظلومية، ثم مارست كل أشكال الإرهاب دون أن تتخلى عن الادعاء بأنها واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط. هذه الدولة التي قامت على الإرهاب ولا زالت تمارسه ليلا نهارا، تخاف من فم فلسطيني يرفض تناول الطعام. إنها لا تحتمل أن يستشهد الفلسطيني اختياريا، ولا تحتمل أن يكون هذا الاستشهاد ضمن سياق سلمي. إسرائيل أجبن من أن تخوض مواجهة ضد معدة فلسطينية خاوية مع سبق الإصرار.