لا يمكن لأحد أن يذكر أهمية الاعتناء بالتاريخ والتراث وأثر ذلك في دعم إبراز كيان الأمة وهويتها الخاصة بين الأمم. في بلادنا ظل الاهتمام بالتاريخ والتراث مهملا زمنا طويلا، ولم يحظ بما هو جدير به من الاعتناء سوى من قريب عندما أنشئت دارة الملك عبد العزيز قبل أربعين عاما تقريبا فانكبت على إحياء التأريخ وإبراز ما طمرته الأيام من إنجازات عظيمة حقها الخلود. ولأن تاريخ المملكة يرتبط بصورة وثيقة بالملك عبد العزيز، رحمه الله، صانع وحدة الجزيرة ومؤسس كيان المملكة المعاصر، فقد ارتبطت الدارة ليس باسمه فحسب وإنما بالكثير من منجزاته الوطنية، واستطاعت عبر سنوات عمرها القليلة أن ترسخ قدمها في مجال خدمة جوانب مهمة في تاريخنا السياسي والاجتماعي والثقافي، وأن تكون مرجعا مهما وثريا بالمعلومات الموثقة للعديد من الباحثين والباحثات في تاريخنا السياسي والعسكري والثقافي والتراثي. نجحت الدارة في أن تكون بمثابة خزانة للوثائق التاريخية والمخطوطات والتسجيلات الشفهية والصور النادرة المتعلقة بتاريخ المملكة والجزيرة العربية، كما تمكنت من تأسيس قاعدة معلومات واسعة، إضافة إلى توليها نشر المؤلفات والدراسات والأبحاث التي تعنى بهذه الجوانب، وترجمة بعض ما كتب عن تاريخ المملكة وجغرافيتها وتراثها من اللغات الأجنبية إلى العربية وبالعكس. لكن هذه الثروة من الكتب المنشورة والمترجمة وهذا الغنى بالمعلومات والثراء المعرفي الذي تزخر به الدارة، يبدو في معظمه موجها للنخبة من المتخصصين والمهتمين بالدارسات التاريخية، وهو ما يبقي الدارة في عزلة ويجعلها مقصية عن الشباب وعامة الناس، الأمر الذي يضيع عليها فرصة القيام بدور جوهري كان لها أن تقوم به، وأعني بذلك مخاطبة الجمهور عامة لإيصال الحقائق التاريخية إليهم وإمداداهم بالمعلومات الصحيحة قبل أن يترسب في أذهانهم ما ينشر في الفضائيات وعبر الإنترنت من ادعاءات مزيفة أو مغلوطة. بقاء الدارة في مكانها المرتفع بعيدا عن الشباب والعامة من الناس يقلل من الانتفاع بما تملكه من المعرفة وثراء المعلومات. وما أظنه هو أن الدارة بإمكانها أن تتفتح بعض الشيء على الناس من خلال مد الجسور التي توصلها إلى الفضائيات والجامعات والمدارس، ومن خلال الاستفادة من الإعلام الرقمي الذي بات الشباب هذه الأيام يكادون لا يعرفون مصدرا للمعرفة غيره. إن مثل هذا الانفتاح يجعل كثيرا مما لدى الدارة من البيانات والمعلومات والمؤلفات متاحا بيسر للجميع في مختلف أنحاء الأرض وليس داخل المملكة وحدها. شيء آخر هو أن تتبنى الدارة مشروع جائزة عالمية خاصة بالدارسات التاريخية والتراثية عن المملكة والجزيرة العربية يطلق عليها اسم (جائزة الملك عبدالعزيز العالمية للدراسات التاريخية والتراثية المعنية بالمملكة والجزيرة العربية). مثل هذه الجائزة ستعمل على تسليط الضوء على تراث وتاريخ المملكة في مختلف أنحاء العالم وليس في داخل الوطن فحسب. فاكس :4555382 1 للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة