اعتبر الممثل الأردني "روحي الصفدي" أن الفن أكبر من أسلحة الدمار، وأن المسلسل بقوة كتيبة دبابات، داعيًا إلى احترام عقل المشاهد والتقيّد بالمبادئ والبُعد عن المساعي للتحصيل المادي كهدف أساسي للفنان. ونوّه الصفدي بالربيع العربي، مطالبًا ومحذرًا إلى اليقظة وعدم الانصياع لمطالب الأهواء والأعداء. "الأربعاء" التقى الفنان الصفدي ودار الحوار معه حول العديد من المواضيع.. * حدثنا عن البدايات الفنية.. متى.. وكيف انطلقت؟. - كانت عام 1972 حين التحقت بالعمل الفني، وأما الإنطلاقة الحقيقية فكانت عام 1980 من خلال المسلسل البدوي "جلوة راكان" الذي لاقى اقبالاً كبيراً وظهرت به كوجه جديد على الشاشة باللهجة والشكل البدوي وأنا أعتز بهذا العمل، إضافة لعمل عصري آخر مع الفنانة جيانا عيد وهو مسلسل "رياح الليل"، وبصفة عامة شاركت خلال مسيرتي الفنية في حوالي 150 مسلسلا على مدى 38 عام تقريبًا. * ماذا قدم لك الفن خلال هذه الرحلة؟. - باختصار شديد قدم لي محبة الناس في كافة الأقطار العربية وهذا ما أتشرّف به و أدخره. * كيف تنظر للفن الدرامي السعودي؟. - لست من يقيّم ذلك، وسبق لي العمل مع مجموعة من الفنانين السعوديين، أمثال محمد العلي وبكر الشدّي يرحمهما الله، ومع الرائع الفنان الخريجي، وباختصار أنا لا أستطيع التقييم، ولكن لاشك أن الدراما السعودية جيدة وقدمت الكثير من الأعمال المميزة. * هل ترى أن الفن أسهم في حفظ هوية الموروث والتراث الشعبي والتقاليد وتوطيد العلاقات الاجتماعية، وفي المقبل كيف تنظر للمسلسلات الدرامية التي تذكّي الفتن والنعرات القبلية ومسألة الثأر وما شابه ذلك؟. - أنا ضد أي شيء يتسبّب في إذكاء الفتنة فأنا رجل عربي حتى العظم أحترم البداوة من ليبيا حتى عمان وقد اشتغلت معهم.. والبدوي هو بدوي.. والعرب كلهم أخوة.. وأنا تحملت مسؤولية كبرى من خلال أعمالي وليس كل المسلسلات يشار إليها بالبنان فلابد أن يكون العمل متكاملًا وأن نختار حتى المفردة والجملة لأن المسلسل البدوي حقل ألغام وربما مسلسل بدوي واحد يثير فتنة بالعالم العربي قاطبةَ، لذلك لابد من أن ننتبه إلى ذلك للأهمية، فالممثل يدخل البيوت، والتلفزيون والإعلام والفضائيات هي أسلحة مدمرة أكثر من الدبابات والطائرات والمدمرات، فربما مسلسل بقوة كتيبة دبابات، وأنت عندما تدخل البيوت لابد أن تحترم الناس والعقلية لأنني أطل عليهم من غير رقيب، فهل أعلّم الأسرة الفساد أو الكلمات النابية التي لا تليق بالإخلاق، إطلاقاً لا يجوز مثل، هذا فأنا دائماً حريص على أدواري وحتى على الجمل و المفردات لأننا نمثل الوجه الحضاري، والحمد لله طوال عمري الفني ملكت محبة الناس ويحق لي الفخر بأنني من الممثلين القلة الذين أُطلق عليهم "نجوم محترمين" لأنني أحترم عقل المشاهد والناس، وبالتالي لابد أن يكون المسلسل هادفًا لمعالجة الخلل أين ما كان، وساعيًا للإصلاح لا للفتنة والدمار، وأن لا نقبل بغير ذلك. * وماذ عن المسلسلات التي تحاكي مناهضة الثورات والتصدي لها، هل شكّلت خطًا دفاعيًا في وجه تلك الثورات وأسهمت في حفظ تاريخ الأمة؟. - نعم بلا شك هناك أعمال عظيمة ومحترمة وأحسد بعض الشباب الذين اشتغلوا فيها بكل صدق، وهناك أعمال للتجارة فقط وسخيفة، وبالتالي فالفن أحد القنوات التي لها كما عليها من مسؤولية تجاه الأمة وتاريخها ومجدها، كما هو حال الشعراء والكتّاب والمثقفين والأدباء.. نعم تلك المسلسلات مشرّفة ولها الدور الكبير في حفظ تاريخ الأمة ونقله لأجيال المستقبل. * كيف ترى مستقبل الفن العربي بشكل عام؟. - أصدقك القول بأنه متى احترم الفن هدفه والفنان مشاهده فسيبقى بخير، فقط نرتقي عن الهراء وبعض السخافات والأدوار الساقطة التي باتت أكثر رواجاً بين فئات الشباب دون هدف محترم أو بُعد اجتماعي، وعلى المسؤولين عن هذا الفن مخافة الله وحماية المشاهد أينما كان من خلال مراقبة الأعمال الفنية. * وكيف تنظر إلى الربيع العربي والأحداث المتلاطمة في بعض الدول العربية؟. - ليس كله ربيعاً عربياً، فهناك خريفاً عربياً في بعض الدول، في مصر مثلاً كان ربيعاً عربياً وليس مصرياً فقط لأن ببساطة عندما يشغل الرئيس أو أبنائه أو حاشيته في جمع الأموال فبماذا يُوصف بغير الأوصاف التي لا تليق بمكانته أو بقائه في منصبه في مصر ربيعاً عربياً وربما في تونس، أما مثلاً في الأردن لدينا ملكاً تعامل بذكاء وعزيمة وإخلاص مع المتغيّرات فقام بمحاسبة كبار المسؤولين بل وسجن من يستحق السجن وهم لو يتوقعوا يوماً الوصول لهذا الحال ولا زال ماضياَ قدماً نحو الإصلاح الحقيقي الذي يتطلع إليه أبناء الأردن ولذا فقد حصد المحبة والتقدير وسيبقى كذلك. يا أخي أنا أبحث عن البديل المناسب في هذا الربيع، إذا ذهب الرئيس الفلاني أعطني من هو أفضل منه وليس مجرّد ربيع هتافات ومظاهرات واستجابات لأعداء الأمة، وبالتالي علينا أن نتأهب لرياح التغيير وأن نواجه المتغيّرات بعقل ومنطق على أسس واقعية تحفظ لأمتنا وشعوبنا كرامتها وحقوقها ومصالحها ومستقبلها. * تقوم حاليًا بزيارة إلى محافظة العلا، كيف تنظر لمستقبل السياحة في هذه المحافظة في رأيك؟. - أولاً يجب أن أشيد بفكرة وعزيمة الشاب "رائد بن غريب العنزي" وهو من أهالي الحجر وأنوّه بإنشائه قرية نموذجية يتوفر فيها الجو السياحي كنقطة سياحية من ضمن الكوكب السياحي في العلا، ولا شك أن طبيعة محافظة العلا وجغرافيتها وتضاريسها وأوديتها وجبالها بل وأهلها جزء لا يتجزأ من طبيعة الأردن وهي سياحية كما خلقها الله وهباها الله من جمال طبيعي، وما يبذله الأمير سلطان بن سلمان في مجال السياحة سوف تجني الأجيال المقبلة ثماره، وما يبذله أمير منطقة المدينةالمنورة الأمير عبدالعزيز بن ماجد من جهود جبّاره في تحقيق التنمية الشاملة في هذه المحافظة سوف يكون له إنعكاسه على تنشيط الحركة السياحية بل والاقتصادية وتطوير المجتمع في هذه المحافظة وستكون مقصداً سياحياً متفرداً في ظل وجود مدائن صالح والدعم السخي من الدولة. * ماذا تذكر لنا من موقف طريف في ختام حوارنا؟. - كنت مع الفنان "نبيل المشيني" في أحد المسلسلات وكنت نائمًا بالفعل بالخيمة مرهقاً فأتاني بحجة أن المخرج يطلبني للتصوير فاعتقدت أنه يريد أن يأخذ مكاني لينام ولكن فجأة شخصت عيناه وقال أنتبه يا روحي تحرّك بهدوء الثعبان تحتك وبالفعل استدرت وقفزت ولم أعلم أنني كنت نائمًا وتحتي ثعبان طوله مترين وقد أنجاني الله منه.