كل من شاهد مباراة إياب الدور ثمن النهائي في بطولة الأبطال الأوربية بين كل من آرسنال الإنجليزي وإيه سي ميلان الإيطالي، سيدرك سر سحر كرة القدم وجاذبيتها التي لا تقاوم. سر تعلق البشر بلعبة كرة القدم هو التشابه الكبير بينها وبين الحياة، ففي كرة القدم كما في الحياة، كل شيء يمكن ان يحدث مهما كانت العوائق وأينما اتجهت مؤشرات الواقع. على ملعب الإمارات بلندن واجه آرسنال منافسه ميلان الذي هزمه في مباراة الذهاب برباعية نظيفة. ورغم أن الجميع توقعوا أن مسألة التأهل قد حسمت وأن مباراة الإياب لن تكون سوى تحصيل حاصل، فإن آرسنال قدم عرضا هجوميا فريدا واستطاع أن يتقدم قبل نهاية الوقت الأصلي للشوط الأول بثلاثة أهداف نظيفة. ولأن المهمة بدت سهلة حيث لم يتبق لآرسنال على معادلة النتيجة سوى تسجيل هدف رابع على شرط ألا يلج مرماه أي هدف، فإن جميع محاولات لاعبي آرسنال ضاعت هباء في الشوط الثاني، كما أن لاعبي ميلان الذين بدوا أكثر تركيزا لم يتمكنوا من تسجيل أي هدف رغم اندفاع لاعبي آرسنال الذين أكملوا المباراة بثلاثة مهاجمين صريحين وبلاعب محور واحد هو سونغ. وهكذا انتهت المباراة بفوز آرسنال بثلاثة أهداف نظيفة لم تكن كافية بالطبع لتحقيق التعادل وتمديد المباراة لشوطين إضافيين كان يمكن أن يسفرا عن الاحتكام إلى ركلات الترجيح في حال استمر التعادل بين الفريقين في نتيجتي الذهاب والإياب. الإثارة هي سر جاذبية كرة القدم وسر سحرها وسر تعلق الجماهير بها. إنها لعبة لا يمكن أن تتنبأ بنتائجها النهائية إلا مع صفارة الحكم النهائية. ومهما كانت التوقعات تكاد تكون شبه محسومة على الورق، فإن الورق يظل شيئا والملعب يظل شيئا آخر. لكن الأكيد أن الفرق الكبيرة وحدها وبعيدا عن منطق المفاجآت، هي التي تستطيع أن تقوم من كبواتها بسرعة تفاجئ الجميع. وهذا ما فعله الكبير آرسنال.