لا بُدّ مِنْ لجم أفواه الذين يتجهون نحو قضايا وموضوعات تثير الخلافات، وتُوسِّع دائرة الشقاق أتّفقُ تمام الاتفاق مع فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله المنيع (عضو هيئة كبار العلماء والمستشار في الديوان الملكي) في مطالبته الإعلاميين ب «ضرورة الالتزام بالجِدّية، في طرح القضايا التي تهم الأمة، وتجنب إثارة موضوعات هدفها الرئيس: الشوْشرة بين العلماء».. (ملحق الرسالة الصادر عن صحيفة المدينةالمنورة، 9 ربيع الآخر 1433ه، الصفحة الأخيرة)، وفي المقابل فإنّ على الذين اقتحموا ساحة الفتوى والرأي، وزجّوا بأنفسهم فيها، وهم غير مؤهلين لها، تجنب إثارة الموضوعات، التي تحدث البلبلة، وتشق الصفوف، وتوجد الأحقاد والضغائن، وتقود بالتالي إلى تفتيت الوحدة الوطنية، على حساب مصالح شخصية، يأباها العقل السليم، وترفضها الثوابت اليقينية للمجتمع السعودي، بما يُفْتُون به مِن غير عِلْم، ولا هُدَىً، ولا كِتَاب مبين، ويهرفون بما لا يعرفون، وليس ثمة شك أن العلماء المتفقهين في الدِّين هم «ورثة الأنبياء»، ومن حقهم على الناس احترامهم، وفي الوقت نفسه فإن تحصين المتلقين من: ازدواجية آراء الجهلة، والمتعصبين، التي يكتنفها الغموض، والإبهام، هي مسؤولية العلماء المعتدلين أمثال الشيخ المنيع، فالكل في سفينة واحدة، والكل يحتاج إلى رُبّان ماهر يقودها وسط بحر متلاطم من: الدخلاء على الفتاوى. لقد أحسنَ فضيلة الشيخ المنيع فيما قال، ولا بُدّ مِنْ لجم أفواه الذين أجدهم -مع الأسف- يتّجهون نحو قضايا وموضوعات تثير الخلافات، وتُوسِّع دائرة الشقاق، دون إدراك العواقب، فما قام هذا الوطن إلاّ على ثوابت يقينية، لا تسمح لمن يزعزعها، أو يشكك فيها، لأغراض شخصية. صحيح أنّ الأمور الفقهية والجَدَلِيّة -كما قال الشيخ الفاضل-: «يجب مناقشتها بشكل علمي بين العلماء، دون تدخل وسائل الإعلام، التي قد تؤججها، وتضخمها»، وصحيح أيضًا، ألاّ يتحمّل متلقو وسائل الإعلام، أوزار مَنْ ينشرون ثقافة جاهلة، تؤسس لآراء فاسدة، على قدر كبير من السطحية، معتقدين أنهم يتمتعون بقدرات، تفوق ما يملكه البَشَر عادة. لقد ضلّل أولئك الذين اقتحموا وسائل الإعلام بشكل مكثف، كثيرًا من الناس، وأثّروا سلبًا في المجتمع، وآن وقْتُ وقْفهم عند حدِّهم، كي لا يتمادَوْا فيما هو أخطر، وما هو أخطر، يفسح المجال لمن يخترق الحدود، ويسعى لهيمنة، لا تنتج سوى المزيد من ردود الأفعال اللاعقلانية، ولا بد من وسائل إعلام عقلانية، يقودها إعلاميون عقلاء، لمعالجة لا عقلانية الآراء المتطرفة، التي يروّج لها أولئك الذين تنطبق عليهم الآية (36) من سورة إبراهيم « رَبِّ إنّهُنّ أضْلَلْنَ كثيرًا من الناس». [email protected] فاكس: 014543856