مسيرة ثقافية حافلة امتدت لأكثر من ربع قرن من عمر الزمن، ساهمت بفعالية في إحياء التراث الإنساني السعودي، والاهتمام بالموروث الشعبي، والمساهمة الفاعلة والبنّاءة في التقاء شرائح ألوان الطيف من جميع أنحاء الوطن في شراكة مجتمعية رائعة ولحمة وطنية جميلة على صعيد واحد. إنها مسيرة سبعة وعشرين عامًا أعادت للأذهان أكثر من ثلاث مائة حرفة يدوية اندثرت أو كادت، وحكت للأجيال الشابة قصص كفاح آبائنا الأوائل حتى تكونت هذه المملكة العربية السعودية المترامية الأطراف الشامخة البنيان السامقة المجد، حكت لهم من السير الشعبية الوطنية قصصًا من الماضي الأصيل لتربط ذلك بحاضرنا الجميل عبر التعلم والتعليم والمشاهدة والاطلاع والتذكر والتذكير عبر صفحات التاريخ ومساقات الجغرافيا في وطن العز والشموخ الذي نستظل بخيراته ونعيش أمنه وأمانه. تلكم هي القصة الجميلة الرائعة للجنادرية.. المهرجان الوطني للتراث والثقافة «الجنادرية»، التي يرعى حفل افتتاحها سنويًا خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ورعاه، وينظمها سنويًا الحرس الوطني، هي «الجنادرية» التي يتواصل ارتباطها بالإنسان السعودي الأصيل عامًا بعد عام، تلكم هي «الجنادرية» العروس الرائعة التي تتألق عامًا بعد عام في البحث عن كنوز التراث لتقدمها للمواطن السعودي التوّاق للأصالة والمرتبط بأطهر ثرى وأقدس بلد. تشرفت بزيارة الجنادرية عدة مرات على رأس وفود من طلاب النشاط في جامعة المؤسس جامعة الملك عبدالعزيز، طلابًا يمثلون الأندية الطلابية العريقة في الجامعة يقدمون باحترافية عالية عروضًا مسرحية راقية وفنونًا تراثية شعبية دائمًا تنال استحسان الحضور وتقديرهم. وفي كل عام أرى الإقبال المتزايد من المواطنين والمقيمين على الحضور والمشاركة، هذا العام رأيت أرتالًا من السيارات امتدت لأكثر من عشرة كيلومترات شاهدتها بأم عيني وأنا أهم بالخروج مع أبنائي الطلاب من ساحة الجنادرية، كل تلك الآلاف من السيارات مواطنين أعزاء من جميع الأعمار جاءوا متعطشين لأمثال هذه المناسبات ليعيشوا الفرح والسرور وليهنأوا بالتراث المضمخ بعبق التاريخ في أجواء عائلية ممتعة، لا تتاح لهم كثيرًا في مجتمعنا مع الأسف. أيتها الجنادرية استمري نحو العالمية على بركة الله في أهدافك النبيلة لإحياء التراث وإثراء الساحة الثقافية، وساهمي في رسم البسمة على وجوه الأبناء وعززي التواصل العائلي في بساطة وعفوية، وأمل ينشده الكثيرون أن تستمر الجنادرية مشرعةً أبوابها على مدار العام يتاح زيارتها للمواطن والمقيم والزائر والضيف، وأن تنتقل أو أجزاء منها بين ربوع الوطن الغالي.. وفي النهاية لن يصح إلا الصحيح.