إن المكتبات الخاصة والعامة، والقراءة المتنوعة روح الأمة وثقافتها, فالأمة التي تفتقد هذه الأشياء أو بعضها تفتقد أشياء كثيرة من هويتها ومن هذا المدخل أقوم بزيارة المكتبات من فترة وأخرى، ومن هذه المكتبات مكتبة معالي الدكتور عبدالملك بن دهيش التي تأسست عام 1380 ه أي إبان والده الشيخ عبدالله بن دهيش -رحمه الله- العالم المحدث الذي كان يحفظ مئات بل آلافًا من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما الشيخ عبدالملك فإنه نذر نفسه وسخر قلمه وماله وجهده لتأليف الكتب ومن ثم إهدائها إلى العلماء وطلاب العلم لتعم الفائدة عند عامة المسلمين وبخاصة في هذا البلد الآمن الأمين، إلى الأبد إن شاء الله تعالى. وقد يقول قائل هنا: أن المكتبات الخاصة فائدتها محصورة، أقول: بل فائدتها أعم وأشمل إن وجدت عناية واهتماما. وكذلك مكتبة الحرم المكي الشريف فإنها بمثابة منتدى ثقافي وفكري شامخ، وفيها أمهات الكتب القيمة والمراجع النادرة ولكن أصبح روادها ضياع لبعد روحتهم عنها وأصبحت هي متنقلة لم تستقر بمكان واحد، وفي بادئ ذي بدء كانت في باب الصفا، ثم في التيسير، ثم قرب باب الملك عبدالعزيز، ثم في شارع المنصور ثم في العزيزية (الموقع الحالي). أقول إن هذه المكتبة ينبغي أن تكون قرب الحرم المكي لكثرة روادها وخاصة طلاب العلم الذين يدرسون داخل الحرم المكي الشريف وجامعة أم القرى ومدارس مكةالمكرمة وجميع الباحثين والمطلعين سواء من المواطنين أو المقيمين وأيضًا الحجاج والمعتمرين، وهؤلاء حقيقة يحتاجون إلى القراءة والرجوع بين الحين والآخر، وبعد: فإنه ليس لدي شك أن هاجس المكتبة والبحث عن المكان المناسب هو الشغل الشاغل لدى فضيلتي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف ونائبه، وهما يعلمان علم اليقين ما للمكتبة من أهمية عظمى لدى أهل العلم والمعرفة وبخاصة طلاب العلم. نرجو أن نرى هذه المكتبة الطيبة، قد استقرت حول الحرم المكي الشريف عاجلًا أو آجلًا إن شاء الله تعالى.. والله ولي التوفيق. سكتة: لما كانت الصداقة والتواصل من طرف واحد في زماننا هذا فضل الشاعر المتنبي الكتاب على تلك الصداقة وقال (وخير جليس في الزمان الكتاب).