أخشى أن تقع مذبحة جديدة أشد وأنكى من تلك التي وقعت على استاد بورسعيد الأسبوع الماضي، قبل أن يفيق المصريون من هول الصدمة. مذبحة بورسعيد ستُقيّد هي الأخرى ضد مجهول. ورغم أن الجميع يعرف هوية الفاعل فإن أحداً لن يُقدَّم إلى المحاكمة أو يُحال إلى التحقيق، وسيكتفي القائمون على الأمر بإحالة بعض المسؤولين التنفيذيين إلى التحقيق دون التعرض إلى الفاعل أو المتسبب الحقيقي فيما حدث. الذين قتلوا شباباً في عمر الزهور داخل أحد ملاعب كرة القدم ورموا بجثثهم بمنتهى الوحشية من أعلى المدرجات، هم أنفسهم الذين قتلوا المتظاهرين أثناء اندلاع الثورة قبل أكثر من عام، وهم أنفسهم الذين قتلوا وسحلوا المتظاهرين والمتظاهرات في ماسبيرو ومحمد محمود والقصر العيني ومجلس الوزراء. هؤلاء لم يكونوا ليجرؤوا على القيام بما قاموا به مؤخرا لو تم تقديم رجل واحد إلى المحاكمة بتهمة قتل المتظاهرين خلال الأحداث السابق ذكرها. وهؤلاء لم يكن لهم أن يقوموا بما قاموا به لو لمسوا أية جدية في محاكمة الرئيس المخلوع وباقي رموز نظامه الذي أوصل البلاد إلى ما أوصلها إليه. عزل المحافظ وتحويل مدير الأمن ومدير المباحث الجنائية ببورسعيد إلى التحقيق، يعني أن هناك مخططاً لتفريق دماء شهداء الثورة بين القبائل. الكل يعلم أن هؤلاء المسؤولين التنفيذيين ما هم إلا كبوش فداء، والكل يعلم أن الفاعل الحقيقي يجلس على مقعده الوثير دون أن يجرؤ أحد على الاقتراب منه فضلاً عن محاسبته. الآن لم يعد هناك من حل أمام المصريين سوى إعلان الثورة من جديد لإسقاط النظام القديم الذي ما زال يحكم ويتحكم برقاب البشر، فالسلطة التي تحكم مصر منذ خلع مبارك لم تتقدم خطوة واحدة في اتجاه الكشف عن هوية القتلة الذين استهدفوا المصريين منذ الخامس والعشرين من شهر يناير من السنة المنصرمة حتى الآن. الثوار يحتاجون اليوم إلى رمز يلتفون حوله، ولا أعتقد أن هناك من يمكنه الاضطلاع بمثل هذه المهمة سوى الدكتور محمد البرادعي الذي نأى بنفسه عن المشهد وسحب ترشه لرئاسة الجمهورية حتى لا يصبح شريكا فيما يحدث. المشهد يحتمل انضمام رموز أخرى إلى الثورة الجديدة وإلى العصيان المدني الذي أعلن الثوار أنهم بصدد الإعلان عنه. المهم هو: هل سينتهز الإخوان الفرصة لتبييض صفحتهم أمام الثوار والتاريخ، أم أنهم سيستمرون في الانخراط في مناوراتهم وانتهازيتهم؟! أتمنى أن يرتقي الإخوان إلى مستوى الموقف. [email protected]