احتضنت قاعات السينما بتونس الشريط السينمائي الجديد للمخرج جيلاني السعدي بعنوان «وينو بابا» الذي يتناول تصوير المجتمع التونسي في علاقاته بالمحيط العائلي والخارجي المهمش من خلال قصة «حليم» و»أنس». ويعتبر الفيلم الروائي الطويل من نوع الكوميديا السوداء مدته ساعة ونصف، شارك فيه ثلة من الممثلين على غرار جمال مداني وأميرة بن يوسف وعلي الخميري وخالد قاسمي وغيرهم من الأسماء لم تكن معروفة جسّدت بإتقان حكاية الشريط الذي يروي حكاية «أنس» التي ترفض الزواج من «حليم» الكهل وترفض حضور حفل زفافها، فيعاقبها أهلها بسجنها داخل البيت وقص شعرها، لكنها تنجح في الفرار لكي تتسكّع في المدينة على غير هدى، في حين لم يقبل زوجها «حليم» الشخصية الطفولية البريئة في طبيعتها الذي يعيش تحت الضغط إلى حين اشترطت عليه الأم الزواج من فتاة يكبرها سنًا فترفضه الفتاة وتهرب منه ليلة الزفاف، هذا الخبر أعتبره ظلم شديد ومهانة، فبقى في منزله لبضعة أيام ثم يقرّر اعتزال الحياة الاجتماعية والانضمام لجماعة من المهمشين، لتبدأ الرحلة داخل عالم المهمشين والمنبوذين بعد أن فشل في الحياة العادية، ولكن يلتقي «حليم» و»أنس» التي هربت لتبدأ الرحلة داخل عالم المُهمشين والمنبوذين الذين أعادوهم لبعضهم من جديد عن اهتمامه بل انشداده إلى عالم المهمّشين الذين يعيشون حياة بسيطة بأحلام صغيرة في حياة اجتماعية تميل الى القيم الاستهلاكية والمادية، ممّا يجعل من حياة البسطاء متعبة وصعبة على غرار الشريطين السابقين «خرمة» و»عرس الذيب» ثم شريطه الطويل الثالث «وينو بابا» الذي أختار مدينة بنزرت لمواصلة رحلته مع الحفر في الواقع الاجتماعي واكتساب لغة سينمائية متفرّدة. وفي نفس السياق الذي عُرف به منذ البداية، اعتمد المخرج هذه المرة على قبر والده في أكثر من مشهد ليكون شاهدًا على العلاقات داخل العائلة، لكن حمّله المخرج ضمنيًا جزءا من أحاسيسه وذاتيته في هذا الشريط وبعلاقته بوالده الذي توفي سنة 2008 بمدينة بنزرت مسقط رأسه وبأمه والعائلة التي كانت حاضرة في الشريط من خلال طرح مسائل ومواضيع برؤية ذاتية قدمها للناس حتى يتقاسموا معه إحساسه وما يضحكه كمخرج. وفيما يتعلق بهذا العمل الجديد «وينو بابا» الذي يتواصل عرضه بالقاعات التونسية حاليًا، قال المخرج جيلاني السعدي: «وينو بابا» كغيره من الأشرطة السينمائية الطويلة أو القصيرة التي أنتجتها خلال مسيرتي ك «خرمة» و»عرس الذيب» ألتزم فيها رغم اختلاف مواضيعها بمبدئي وقناعتي في السينما التي أحرص على تعليمها لطلبة هذا الاختصاص أيضًا وهما ضرورة ارتباط الإبداع بذات وروح مبدعة.. ولذلك فكل أعمالي هي تعبيرة فنية أقدم فيها المحيط والمجتمع والعالم الذي أعيش فيه بما يتضمنه من قناعات وأفكار، و ما نعيشه كل يوم، فمجتمعنا يتسم تقريبًا بإزدواجية الخطاب التي استوجبتها سياسة القمع للحريات والآراء، لذا آن الأوان للتحرّر من قيود المجتمع والسياسة.. ولأنه يعتبر المجتمع التونسي هو موضوعه في الإبداع، يحرص المخرج جيلاني السعدي على التعامل والتفاعل معه من خلال تساؤل يختزل أبعادًا نقدية إصلاحية بلغة ورؤية تونسية بحتة.