إذا أردت أن تشتم رائحة الكتب وتعرف خباياها وقيمتها فلابد أن تتعرف على المقربين منها أولئك الذين عكفوا عليها وبلغوا بها فضاءات الدنيا من أجل الحصول على محتواها وفائدتها. في مملكتنا الحبيبة هناك رجل قضى ستين عاماً في خدمتها والتمعن في واقعها ومشاهدها لم تشغله بهارج الدنيا وزخارفها، جعل هذه الكتب نصب عينه وبدأ يبحر في ثقافتها يفرح مع فرحها ويحزن مع حزنها ذلك الرجل يعتبر من أقدم أمناء المكتبات الذين استطاعوا أن يجمعوا ويحافظوا على المخطوطات التراثية والتاريخية ولعل لغيرته القوية عليها قام بإنشاء المكتبة الصالحية التي رُعيت فيما بعد من قبل دارة الملك عبدالعزيز التي لم تنأ في تكريم القاضي وتبجيله.. الشاهد في هذه المقتطفات أن عصاميته وجهوده الفاعله حريّ ُ ُ أن توثق في كل نفس طامحة مدى قيمتها وأنها ليست بقايا من التراث أو ملهاة سالفة بل هي تجديد للحاضر وصورة عبقة لماض جميل ومستقبل زاهر فهي أمانة في عقولنا وأفكارنا والحفاظ عليها يُرقي الأمم ويجعلها في مقدمة القوم ولعل محمد العثمان القاضي وسيرته الباهية تعلمنا جميعا أن زيارة المكتبة وشرف الأمانة على كنوزها هي الأمنية التي يُستحق لها التعب والجهد فهلاّ زرنا المكتبات وكنّا من ضمن أهلها وأحبابها فإنها ستعيد لنامحامد حلوة قد فقدناها. حمد جويبر- جدة