لم أكن أعلم أن رحلة البحث الطويلة عن الدكتورعلي موسى الفائز بجائزة الملك فيصل العالمية فى الدراسات العربية سوف تنتهى بنتيجة ليست سعيدة مفادها وباختصار أن الدكتور علي ممنوع من الفرحة لأنه مصاب بمرض أسوأ ما فيه أن خبر الفوز الذى انتظره طويلا لن يستوعبه، كما قالت لي السيدة حرمه آمال الحريرى وكيل الوزارة في معهد التخطيط القومي سابقا، وابنه الدكتور عماد استشاري الأورام في مستشفى الأطفال. السيدة آمال والدكتور عماد قالا أن الدكتور علي حلمي مريض بالزهايمر. مصاب منذ 2005 رحلة البحث عن الدكتورعلي بدأت مساء أمس الأول بمجرد أن أُبلغنا بنبأ فوزه بالجائزة وكانت المعلومات المتاحة عنه شحيحة إلا أن طرف الخيط كان عضويته بمجمع اللغة العربية.. بادرنا بالاتصال بالشاعر الكبير فاروق شوشة نائب رئيس المجمع.. كان الوقت متأخرا لابلاغ أسرة الدكتورعلي النبأ السار لكنه أخبرنا بحالته الصحية ووعد بأن ينقل الخبر للسيدة حرمه وتوفير وسيلة اتصال ل»المدينة» بها وبالفعل أبلغها وكانت فرحة لا توصف حسبما قال لنا مؤكدا أن «المدينة» أول من نقل خبر الفوز للأسرة. وأكدت لنا ذلك السيدة حرم الدكتور علي موسى التي قالت أن سعادتها لا توصف لكنها كانت تتمنى أن يكون زوجها بصحته ليستوعب الخبر، وأوضحت أنه أصيب بمرض الزهايمر عام 2003 وتطورت حالته حتى أصبح عام 2005 لا يعى ما يدور حوله رغم العلاج المكثف الذى يتعاطاه. فرحتنا لا توصف وعبّر الدكتور عماد موسى نجل الدكتور علي موسى عن هذه الفرحة المنقوصة، وقال: لقد أجهد الدكتور علي نفسه منذ اوائل السبيعينيات في البحث العلمي حول حوسبة اللغة العربية.. لقد بدأ هذا النضال في جامعة الكويت ثم في جامعة الملك عبد العزيز بجدة وأخيرًا في جامعة عين شمس. وأضاف: بصراحة كان والدي يتمنى الفوز بهذه الجائزة العظيمة لأنه كان يشعر بحجم الإنجاز الذي صنعه وهو ما دفع الدكتور محمود حافظ رئيس المجمع العلمي الراحل إلى ترشيحه لجائزة الملك فيصل العالمية.. لقد كانت تعني له الشىء الكبير فيما لو كان يستوعب.. لكنه قدر الله وما شاء فعل. وقال الدكتور عماد: كنت أتمنى أن يسافر بنفسه لاستلام الجائزة لكننى سأقوم بذلك بالنيابة عنه.. أنا سعيد لكن لا يمكن أن أسعد بالنيابة عنه.. وفي كل الأحوال فرحتنا لا توصف بالفوز الذي نعتبره تقديرًا عظيمًا يليق بانجازات الوالد وتحفيزًا لغيره من العلماء على المزيد من العطاء. دراسات حاسوبية وكان الدكتور علي موسى أستاذ الفيزياء النظرية قد حوّل عام 1975 دراساته الحاسوبية نحو ألفاظ القرآن الكريم فنشر فى مجلة الدوحة مقالا بعنوان «ماذا قال العقل الإلكتروني عن القرآن؟»، أردفه ببحثٍ باللغة الإنجليزية في دورية نمساوية عام (1979)، وبآخر في عدد خاص أصدرته مجلة «عالم الفكر» الكويتية عام (1982) عن القرآن والسيرة النبوية، بعنوان: «استخدام الآلات الحاسبة الإلكترونية في دراسة ألفاظ القرآن الكريم». وجمع الدكتور موسى دراساتِه الحاسوبيةَ عن القرآن الكريم في كتاب أصدره في مطلع القرن الحادي والعشرين (2001م) بعنوان «ألفاظ القرآن الكريم: دراسة علمية تكنولوجية، والكتاب مفعم بالأرقام والجداول والإحصاءات، منها: إحصاء لألفاظ القرآن وَفقًا للحرف الأول منها، ولعدد حروفها، وإحصاءات مختلِفة لأسماء الأعلام والأقوام والأماكن، وإحصاءات للألفاظ المشتقة من جذور ثلاثية وأخرى للألفاظ المشتقة من جذور غير ثلاثية ويلاحِظ الدكتور علي حلمي أن القرآن الكريم يحوي ثلث الجذور الثلاثية في معجم الصحاح، وهذه في رأيه « نسبة كبيرة جدا لا يوجد وجه للمقارنة بينها وبين ألفاظ أي كتاب على وجه الأرض»، وأن هذا في حد ذاته « إعجاز كبير ينفرد به كتاب الله».