شكا عدد من أولياء الأمور من الإرهاق المالي الذي تسببه الدروس الخصوصية وتأثيرها السلبي عليهم بخلاف المغالاة غير المقبولة من المعلمين والمعلمات في تحديد مبلغ الحصة الواحدة والتي تصل إلى 500 ريال وقالت أم فارس: لدي ابنتي في الثاني الثانوي وقد حرصت على توفير المدرسة الخاصة منذ بداية العام, وهي من المعلمات المقيمات ولكنها جيدة جدا في شرحها إلا أنها تزيد أسعار حصصها كلما اقتربت الامتحانات بحجة التعب والإرهاق والذي يجعلها تواصل ليلا حتى ساعات الفجر الأولى وهي تتنقل بين طالبة وأخرى, أما سبب رغبة الكثير من الطالبات في وجود المعلمة الخاصة فقد يكون بسبب تبسيطها للدروس بطريقة مختصرة ومن وجهة نظري أن المدرسة الخصوصية تساعد المتفوقة على تعزيز فهمها واستيعابها أكثر لذلك لا أجد مانعا من وجودها دائما. كامل المنهج فاطمة قالت إن المعلمة غير المتمكنة في تبسيط منهجها هي التي تساعد بشكل غير مباشر إلى لجوء الطالبة للدروس الخصوصية، إما لعدم حرصها على الشرح الواضح والمبسط أو لعدم متابعتها لطالباتها والتركيز على نقاط الضعف والصعوبة لديهن, لذلك أتمنى أن يكون هناك دورات تأهيل وتطوير للمعلمات بطرق التدريس الحديثة والتي سوف تقلل كثيرا من انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية وزيادة غلاء أسعارها. فيما أضافت السيدة سامية والدة طالبة بالثالث الثانوي: منذ بداية العام لدى ابنتي تأتيها معلمة إلى البيت وتشرح لها كل فصل بمبلغ مادي هذا بخلاف أنها تذهب وتأتي على حسابنا, ومع هذا نحن لا نستطيع التحدث معها خوفا من فقدانها خاصة أنها جيدة ولها سنوات مع الكثير من بنات عائلتنا, وتضيف نوعا ما ابنتي جيدة ولكن الخوف من تدني النسبة يقلقنا كثيرا لذلك أجد أن الاستعانة بعد الله بالدروس الخصوصية هو حفاظ على هذه النسبة أو زيادتها , لذلك لا أجد أي ضرر من الدروس الخصوصية إذا كانت للمساعدة في توضيح درس أو فصل لزيادة الاستيعاب والفهم. صعوبة الاستيعاب والدة الطالبة رهف تقول: أجد صعوبة في تدريس ابنتي لكثرة معلومات منهجها والتي تشكل لديها صعوبة في استيعاب كل المعلومات لذلك لا أجد لدي الوقت الكافي في الشرح والتوضيح فاتجهت إلى الاستعانة بالدروس الخصوصية منذ العام الماضي, ولا تُخفي أم رهف أنها كثيرا ما اعتذرت من جاراتها عن إعطائهن رقم المعلمة الخصوصية خوفا من أن يقل تركيزها على ابنتها وبالتالي تستعجل في الشرح لها. فيما أضافت الطالبة أبرار حسن بقولها: أحرص على الاستعانة بالدروس الخصوصية فقط بالمواد الصعبة وذلك لظروفنا المادية, فوالدي لا يستطيع أن يدفع قيمة الدروس خاصة مع الزيادة التي تطالبني بها المعلمة الخصوصية عند دخول أيام الاختبارات فالكثير ممن أجلب أرقامهن من زميلاتي أو عبر الصحف تطلب على كل فصل مبلغا, لذلك لا أتواصل مع المعلمات الخصوصيات إلا عند دخول أسابيع الاختبارات. تقصير المعلم مديرة الثانوية الحادية عشره لمياء يماني قالت إن هذه الظاهرة تعود بالسبب الاول إلى تقصير المعلم وتجاهله للفروق الفردية لدى طلابه هذا، بالإضافة الى تجاهله التام أثناء طلب تلميذة شرح نقطة أو معلومة لم تفهمها وهنا تتكدس على الطالب المعلومات والتي بالنهاية تخرج له على أنه لم يفهم كامل المنهج وهنا يلجأ الى الدروس الخصوصية والتي ترهق كاهل الأسر خاصة متوسطة الدخل أو الفقيرة. فيما أفادت كل من مشرفة التجهيزات المدرسية الأستاذة بلقيس صالح ومديرة الثانوية الأولى الأستاذه إيمان حبيب بقولهما: تنبع مسألة الدروس الخصوصية من أمرين: إما تقصير المعلم والمعلمة في العطاء والشرح, أو لضعف حلقة الوصل بين المدرسة والبيت في توضيح نقاط الضعف والقصور الذي يعاني منها الطلاب أثناء فترة الدراسة, فالمتابعة والمراقبة المستمرة من كلا الطرفين تساعد بشكل كبير في الحد من هذه الظاهرة او التقليل منها. مشكلة معقدة مدير الإعلام التربوي بإدارة التربية والتعليم بالمدينة المنورة عمر برناوي يتحدث عن هذه الظاهرة بقوله: هي بلا شك مشكلة معقدة ومتشعبة تشترك فيها أطراف عديدة, كما لا يخفى على أحد ما لها من التأثير السلبي الكبير على الطلاب والطالبات بزعزعة الثقة في المعلمين والمعلمات وفي كل ما يقدم لهم في مدارسهم، وتولد الاستهتار واللامبالاة عندهم بأهمية اليوم الدراسي لعلمه بأن ما فاته سوف يدركه من خلال المعلم الخصوصي كما تعودهم على الاعتمادية والاتكالية والخمول العقلي وقتل الدافعية للتعلم في أنفسهم فتضعف عندهم البحث والتقصي عن المعلومة والمعرفة بأسلوب علمي ناجع, كما أن لبعض هؤلاء المعلمين دورا كبيرا في خلق الازدواجية والخلط في الفهم لدى الطالب بين ما يتلقاه في مدرسته وما يأخذه عن المعلم الخصوصي مما يسهم في عدم التركيز وبالتالي ضياع كل ما قام بتحصيله يوم الاختبار, والمؤلم في الأمر حقًا هو أن هذه الظاهرة كانت في السابق تتعلق ببعض المراحل الدراسية المتقدمة كالمرحلة الثانوية ولكن الآن أصبحت منتشرة في مراحل الصفوف الأولية ولا شك كل هذا يعمل على تقويض جهود وزارة التربية والتعليم وسياستها التعليمية. آثار سلبية وأكمل برناوي أن لظاهرة المعلمين الخصوصيين آثارًا بنائية وعلمية كبيرة لما تشكله من خطورة كبيرة من حيث إنها لا تتيح للطلبة الفرص المتكافئة من الناحية التحصيلية وتؤثر على سلوكهم إذ تبعدهم عن الجو الصفي والمشاركة الجماعية في المدرسة وبالتالي تؤثر على قدرتهم على التكيف الاجتماعي والتفاعل مع المعلم الأمر الذي يؤدى إلى فقدان الثقة في المدرسة كمؤسسة لها أهداف تربوية واجتماعية كبيرة، فضلا عما تخلفه هذه الظاهرة من تأثير سلبي على النسيج الاجتماعي لما تظهره من الطبقية الاجتماعية فيظهر الطالب الفقير بعجزه عن مقارنة زملائه بتأمين معلم خصوصي فتتولد الكثير من المشكلات العائلية، كما أن هناك خطورة في أن الكثير من المعلمين الخصوصيين لا يحملون شهادات دراسية بل هم من المقيمين والذين يعملون في حقل آخر وبعيد كل البعد عن التربية والتعليم فتجد السباك والكهربائي والموزع وغيرهم يتحولون في مواسم الاختبارات بقدرة قادر إلى معلمين بارعين وفي المواد العلمية والإنجليزي مستغلين بذلك حاجة المواطن والممزوجة بسذاجته, كما أن ترك الأبناء والبنات بمفردهم مع المعلمين والمعلمات الخصوصيين بحجة الدروس الخصوصية فيه ما فيه من محظورات تتنافى مع قيم ومبادئ ديننا الحنيف.