كانت أمسية ولا أروع، وكان نشاطاً ولا أجمل! إنها الغرسة الطيبة والبذرة المناسبة. مساء الخميس 29 ديسمبر كان على موعد مع صغار (غراس) في مؤتمرهم الثاني الذي خُصص لمن شغف قلوب المخلصين له. (وطن) كان عنوان المؤتمر.. لأن الوطن هو الخارطة الممتدة على قلوب الحاضرين يرون فيه عراقة الماضي وجمال اليوم وأمل المستقبل. (غراس) بذرة في تربة الوطن، والتربة صغار اليوم وكبار الغد. وغراس نموذج لما يسميه المختصون والاجتماعيون (روح المبادرة). المبادرة الأولى عندما انطلق نادي غراس من فكرة بسيطة، لكن بجهد كبير وعمل دؤوب ويافطة عريضة تقول: (إن لدى الأطفال روحاً وثّابة لا ينبغي التضييق عليها أو كبتها، بل المساهمة في انطلاقها وتحررها كي تقدم وتبدع وتعبر عما في داخلها). ويقول أهل الاختصاص إن أول آليات دعم المبادرات الطفولية تجنيبها الرد الصاعق المحبط المحصور بين اللام والألف.. (لا)! ما أسهل أن نقول (لا) لنكتم أنفاس الصغار فضلاً عن الكبار. (لا) لا يجب أن تُقال إلا إذا لاح خطر يؤثر على صحة الطفل أو سلامته. وما عدا ذلك فهو مفتوح للأخذ والرد، والشد والجذب. بهذه الفلسفة انطلق (غراس) يحرر الأطفال من عقدة الخوف من المبادرة فضلاً عن المشاركة، ولذا تحدث أطفال صغار في المؤتمر إياه عن بحوث أجروها بأنفسهم ورتبوا أفكارهم بأنفسهم، فكانت قضايا بحجم الوطن مثل البطالة والحضانة والتعليم. بادروا فأبدعوا وانتزعوا إعجاب الحضور كباراً وصغارا. غراس ثمرة جهود كبيرة عظيمة تخدم شريحة غالية، بل الشريحة الأغلى في منظومة الإنسان السعودي، وهي شريحة الأطفال. غراس ملاذ آمن وحضن دافئ وبديل تحسبه كثير من الأسر الأول لصغارها بحكم التجربة ومن واقع الميدان وبشهادة الخبراء والمختصين. والشكر موصول للكلية الكبيرة (دار الحكمة) التي استضافت المؤتمرين، من منطلق خدمتها للمجتمع ورعايتها للحكمة وإيمانها بالكلمة الطيبة والتربية الحسنة. ولكل الرعاة نسأل الله الأجر والثواب والعقبى بالخير في الدنيا والآخرة، إذ لا أعظم من قرش يُستثمر في جيل ناشئ يُرجى منه الكثير لخدمة البلاد وخير العباد اليوم وغداً. غراس انطلق على بركة الله وبرعايته وحفظه.